الزهور الذهبية
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
الزهـــور الذهبية... للكاتبة امرأة من زمن الحب
الرواية الرائعة للكاتبة امرأة من زمن الحب فحبيت تقرؤها معي ماشاء الله رائعة
رواية |||<الزهـــور الذهبية>|||..لعنة الحب تنتقل عبر الأجيال...رواية طويلة من ثلاثة دفاتر
|| الدفتر الأول ||
رسم وتصميم امرأة من زمن الحب (tamahome)
المقدمة:
بين أسراب زهور ذات لون ذهبي......ولد حب ربط بين إنسانين.....ربط روحيهما
مع نفحة من رحيق تلك الأزهار وخلد أسميهما.......بين ثنايا التاريخ قصة
لقلوب غزاها الغرام فلم يهزم ولم يطويه الموت في ظلاله.....
وجاء الشتاء ليرسل رياحه العاتية لتطيح بما تلاقيه ......رياح القدر المليئة بلعنات قلوب حاقدة لتطير أوراق الزهور الذهبية ....
لكن إذا كان الحب هو الذي يربط إنسانا وآخر إذا فلطالما كان الإنسان حيا
لا يستطيع أن يتوقف عن الحب بل يزداد حبه كل صباح حتى يأتي اليوم الذي
يموت فيه
إذا كان الحب يعني أن ترتبط روحا اثنان حتى لو فرقهما الموت وأصبح كل في
عالم.....يبقى الحب حتى وإن ذهب المحبان....فالحب إذن هو إكسير الحياة.....
وهنا قصة قلبين أزهر حبهما بين أسراب الزهور الذبية التي نبتت مع حبهما
وهو ينمو ويزدهر الى أن أصبح قوة تقف في وجه رياح الشتاء المظلم وبقيت تلك
الأزهار شاهد على حبهما
الزهـــور الذهبية..
||| الشخصيات |||
قصر (كازابيانكا) :
تعيش فيه اسرة (فان دييجو) ......
أسرة (فان دييجو) :
1- (فرناندو) : هو رئيس الأسرة والرجل الأكثر نفوذا في المنطقة وهو والد (الفريدو) و (سيسل)
2- (الفريدو) : الأبن الأكبر للسيد (فرناندو) وهو المسئول عن إدارة أملاك الأسرة كما أنه الوريث الشرعي (لفان دييجو)
3- (سيسل) : أخت (الفريدو) وابنة (فرناندو)
4- (آنا) : الأم الراحلة لكل من (الفريدو) و (سيسل) وزوجة (فرناندو)
5- السيدة (سوزي) : هى المربية الأساسية (لالفريدو) التي عاشت معه منذ ولد وعاشت مع السيدة (آنا) طويلا وتعتبر (الفريدو) كابن لها....
6- (لوسيانو) : هو كبير الخدم والمتحدث الرسمي باسم السيد (فرناندو) ...
7- (أنجليتا خوسيه) :هي بطلة القصة وهي من
أصل كولومبي مدربة ماهرة للخيولالأصيلة وامرأة ذات جمال أخاذ نادر , رقيقة
تتمنى السعادة وتحب والدها بشدة....
8- (خوسيه) :هو السائس الخاص بأسرة (فان دييجو) والمسئول عن الإسطبلات ومدرب الخيول وهو والد (أنجليتا)
قصر (روزانيرا) :
تعيش فيه عائلة (فلاديمير)
عائلة (فلاديمير) :
1- السيدة (ساندرا) :هي رئيسة الأسرة وهي أرملة لصديق قديم وعزيز للسيد (فرناندو)
2- (فلوريا) :هي البنة الوحيدة للأسرة الصديقة الوحيدة (لسيسل) وصديقة (الفريدو) منذ الصغر
3- (روبرتو) :هو أحد أقرباء الأسرة من بعيد أبواه يعيشان في أمريكا وهو لا يعتبر ثريافثراءه الوحيد هو علمه...
قصر (لوتشى أورو) :
تعيش فيه أسرة (ديميتريوس)
عائلة (ديميتريوس) :
1- (اندريه) :هو رئيس الأسرة على الرغم من صغر سنه وهو الصديق الحميم (لالفريدو)
2- (جابريلا) :هي والدة (اندريه) التي تؤمن بابنها وبذكاءه وتترك له أعمال الأسرة جميعا.
قرية أسترا : هي القرية المجاوري لأراضي القصور الثلاثة وتعيش فيها (نيلا) صديقة (أنجليتا) الحميمة
نتااااااااابع الروايه كمان ياحلوووين
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
[blink]الفصل الأول[/blink]
cc]القصور الثلاثة 099cc]إيطاليا – ميلانو – عام 1870 م
مع نسمات إبريل الهادئة حيث الشمس ترسل أشعة كخيوط ذهبية تصل السماء
بالأرض ...... إنطلقت عربة مكشوفة يجرها جوادان , عربة ذات اطار خشبي مطلي
باللون الأحمر حيث طلي كرسي السائق بنفس اللون وكان اللون في تعاكس صارخ
مع لون الخشب البني القاتم وهناك جلس بعض الفلاحون الإيطاليون الذاهبون في
اتجاة قرية (أسترا) الواقعة خلف التلة الخضراء من الجهة الغربية ومنهم من
جلب معه بعض أزواج من البط البري التي كانت تصدر صوتا عاليا يعيق نوم رجل
عجوز في مقدمة العربة , كان يسند رأسه على القش الأصفر اليابس الموضوع في
هذا المكان والذي كان رطبا بعض الشئ ....كان واضحا أن الرجل العجوز ليس من
إيطاليا على الإطلاق فلقد كان كولومبي الأصل ذو بشرة داكنة مائلة للحمرة
وشعره أسود كثيف تتخلله بعض الشعيرات البيضاء في مقدمة رأسه , كان يحاول
عبثا أن ينام لعله لايشعر بطول الرحلة الى قصر مخدومه فلقد أتى مع ابنته
من بلاد بعيدة نسبيا لأن السيد (فان دييجو) قال أنه سيدفع له راتبا لابأس
به وكان يحمل معه ابنته البالغة من العمر أربع وعشرون عاما والتي كانت
تجلس الى جانبه تتبادل حديثا طويلا مع الفلاحة التي تجاورها , كانت ابنته
رائعة الجمال يكاد يجزم أنها أروع امرأة كولومبية عرفها فلقد ورثت الجمال
عن امها , هكذا حدث نفسه بافتخار.....وعلم أن طبعها الفضولي لابد وأن يضغي
عليها فتناهى الى مسامعه اطراف من حديثها مع تلك الفلاحة التي لم تلاحظ
اختلاف لهجتها فلقد كانا يتحدثان الإيطالية بطلاقة وهذا لأنهم خدموا من
قبل في وقت نشأة ابنته (أنجيليتا) في بيت ايطالي فتربت (أنجيليتا) تعرف
اللغتين وتتقنهما اتقانا تاما وسمعها تسأل الفلاحة :
"إذن فقرية (استرا) هي القرية الوحيدة في هذة المنطقة المتطرفة من شرق ميلانو!! ولكن ماذا عن عائلة (فان دييجو) هل سمعت عنها ؟!..."
"أجل إنهم أصحاب قصر (كازابيانكا) الموجود في الجهة الشرقية من التلة لقد اقتربت العربة منه كثيرا "
"أهو القصر الوحيد هنا في هذا المكان ؟!.."
"بل يجاوره قصران لعائلتي (فلاديمير) وعائلة (ديميتريوس) حيث يقع قصر
عائلة (فلاديمير) والذي يسمى (روزانيرا) في الجهة الغربية من (كازابيانكا)
وهما قريبان من بعضهما في حين يبعد قصر عائلة (ديميتريوس) والذي يسمى
(لوتشيأورو) قليلا عن أراضي القصرين بحوالي أربعة أميال ولكن هذا لايمنع
الصلة الوثيقة بين الثلاث اسرات كما أن كثير من عائلات خدم القصور الثلاثة
يعيشون في قرية (أسترا) والحق يقال أن قصر (كازابيانكا) هو أجملهم كما أن
السيد (فرناندو فان دييجو) رئيس الأسرة صاحب أكبر نفوذ هنا وهو الأغنى
أيضا والأكثر رفعة في المكانة ولكنه ازداد قسوة بعد موت زوجته
(آنا)....لقد كانت امرأة طيبة للغاية تساعد المحتاجين كما كانت فاتنة
الجمال وذات عينان لازورديتان فاتنتان وعلى الرغم انها انجبت ابن وابنة
إلا أن ابنتها لم ترث شيئا من جمالها بل لا أعتقد أنها تشبهها البتة
أوهكذا يقال...بينما ورث ابنها الأكبر كل ما لها....عيناها,ملامح
وجهها,شعرها الكستنائي وطيبة قلبها مما جعله هدفا لكل الفتيات النبيلات في
المنطقة وخارق المنطقة.....وأظن أن السيدة (ساندرا فلاديمير) الأرملة تريد
تزويجه من ابنتها (ڤلوريا) الوحيدة لتضمن لأبنتها معيشة هانئة ماتبقى من
حياتها......كم أتوق الى حفل زفافهما لابد وأن يكون أجمل حفل عرفه
التاريخ...."
فابتسم (خوسيه) الكولومبي العجوز وأكمل نومه وبعد ذلك بساعة ونصف كانا قد
نزلا من العربة وودعت ابنته (أنجيليتا) الفلاحة واعدة إياها بزيارة في
القرية في وقت قريب وتقدم الكولمبيان (خوسيه) وابنته الي أعتاب أراضي قصر
(كازابيانكا) ...كانت حديقته جميلة ذات طرقات متفرعة ممتلئة بالأزهار
ومجهزة لأستعمال الخيول وكان الخدم في كل مكان معظمهم ايطاليين وماإن
وصلوا الي النافورة التي تسبق بوابة القصر الرئيسية والتي كانت من الرخام
المتعدد الألوان والتي يتوسطها تمثال رائع لعاشق نبيل يقبل عروس بحر خارجة
من مياة النافورة بشكل رومانسي جميل وكان القصر مليئ بالحجرات وتوجد الى
جانبه بيوت ذات طابق واحد أوطابقين للخدم ومايتعلق بهم وملحق بهم مبنى
كبير للإسطبلات التي تحوي العديد من الخيول الأصيلة المتنوعة والتي ستكون
مهمة (خوسيه) وابنته..... قادهم رئيس الخدم الى الغرفة الخاصة بصاحب القصر
لعائلة (فان دييجو) السيد (فرناندو) .....عندما نهض (فرناندو) من كرسيه
تقدم بخطوات ثابتة متعالية نحو خادمه الجديد (خوسيه) وعامله بتكبر واضح
ذاكرا ماهي مهمته في الإعتناء بالخيول الأصيلة وتزويجها للحصول على سلالة
متميزة فهو يحضر افضل الخيول من مختلف أنحاء العالم كما أحضر حصانا جديدا
غير مروض لأبنه الأكبر الذي ناداه (ألفريدو) وطلب من (خوسيه) أن يروضه
فقال العجوزبلهجة ودودة :
"لقد دب الشيب في رأسي ياسيدي ولم أعد أفعل ذلك لكني واثق أن ابنتي الوحيدة (أنجيليتا) ستتولى هذة المهمة عن طيب خاطر....."
وهنا نقل (فرناندو) عيناه ببرود تجاة الفتاة الفاتنة التي تقف الى جانب
أبيها فابتسمت له وحيته بخجل فلم يرد لها تحيتها بل قال بصوت قاسي :
"لا يهمني من الذي سيفعل , المهم أن تنفذ ما أقوله لك والآن سيريك (لوسيانو) مكان اقامتك"
وكان (لوسيانو) هو رئيس الخدم في (كازابيانكا) كما كان ذات سلطة قوية فلقد
كان يتولى كل أمور السيد والمتحدث الرسمي بأسمه والذي يحل محله في بعض
الحالات الخاصة وكان جميع الخدم يهابونه ويعملون له ألف حساب وحمل
الكولومبيان حاجاتهما وذهبا لإكتشاف حجرتيهما.......
بعد مغادرة (خوسيه) و (أنجيليتا) عم الهدوء غرفة (فرناندو) من جديد الذي
ظل ينظر الى جهة واحدة دون أن تطرف عيناه فلقد تذكر أن اليوم قد أقام
مائدة كبرى يجمع فيها افراد عائلة (فلاديمير) وعائلة (ديميتريوس) حين يجمع
الأولاد ويستطيع أن يفاتح ابنه بصراحة مطلقة عن رغبته في تزويجه من
(فلوريا) ابنة الأرملة (ساندرا فلاديمير) وصديقه الراحل (فرانسوا) وقد
يضرب عصفوران بحجر واحد ويري ماستؤل إليه الأمور مع ابنته الأخرى (سيسل)
فقد يعرض عليها (أندريه) الإبن الوحيد لعائلة (ديميتريوس) الزواج وسيكون
هذا أفضل مايمكن أن يحدث له فسوف يبني امبراطورية كبيرة وتدخل أملاك
الأسرتين العريقتين في أملاكه سيكون سيد المنطقة دون أدني شك كم حلم طويلا
بجمع الأسرتان ليكونا تحت امرته فلقد كان كل مايهمه الثراء والسلطة
وبعدهما يأتي الطوفان وفكر في نفسه بسخرية كم فرح لموت (آنا) زوجته والتي
كانت عاطفية تؤمن بالحب وبتلك الأشياء السخيفة ونقل عيناه لتقع على كرسي
في أقصى الغرفة قريب من المكتبة وقال محدثا نفسه كانت تجلس في هذا المكان
دائما تطالع رواية رومانسية للقرون الغابرة وكانت حينها عيناها تصفيان
وتصبح رائعتان , تينيك العينين اللازورديتان ....فشعر بغصة في حلقه إذ
تذكر أنها اشبعت رأس ولديه بتلك الأفكار السخيفة والأقوال المهترئة والتي
لاتلبث أن تجعل سيطرته عليهما صعبا فلم يكن الزواج بالنسبة له سوى لتحقيق
مصالح لطرفين الرابطة حتى اتخذ عنده طابعا تجاريا محض وكان من السهل
السيطرة على (سيسل) ابنته فهي تميل اليه أكثر والى أفكاره ولكن المشكلة
عنده كانت في (ألفريدو) ذلك الشاب الطائش والذي من المفترض أن يستلم زمام
امبراطوريته التجارية والإجتماعية ولكن لم يبدو أبدا على استعداد
لذلك.......
لم يمضي وقت طويل على الكولومبيان -أوهكذا كان يسميهما الخدم- حتى شعرا
بالراحة في المنطقة وبدأا يمارسان عملهما بشكل جيد وكان الجميع يشيد بجمال
(أنجيليتا) وأدبها وأخلاقها الفذة فلقد كانت ذات طباع سامية تحب مساعدة
الجميع متفائلة وخفيفة الظل باختصار كانت تدخل البهجة على قلوب الجميع من
حولها فلقد كانت فاتنة في ريعان شبابها زهرة ناضرة تنتظر من سيقطفها ولم
تكن قد رأت أحدا من سادتها غير السيد (فرناندو) وكان رويته كافية لتنفرها
من الأسرة أجمع فلم تكن تميل اليه بل كانت في داخلها تكرهه وتكره أن
يعامله أبوها بخنوع شديد هكذا وبدأت الخادمات الشابات يخبرنها عن كل
مايدور في هذا البيت فعرفت أن الإبن الأكبر (ألفريدو) شاب وسيم لأقصى حد
وعيناه هما سر جماله و عينيه لازوردية تجعل أي فتاة تسقط صريعة لحبه كما
كان جيد الطباع حسن المعشررقيق القلب وكان يحب الشعر ويعزف الجيتار بطلاقة
وكان صديقا حميما (لأندريه ديميتريوس) منذ الصغر ولعل هذا هو الذي شجع
(أندريه) على أن ينظر بعين عاشقة لأخت صديقه الحميم (سيسل) ولكن تلك
الأخيرة لم تكن تبادله أدنى ذرة من العاطفة بل كانت تميل الى زميل لها في
الجامعة وهو قريب في الواقع لعائلة (فلاديمير) ويدعى (روبرتو) ولكنه لم
يكن يأتي كثيرا للدارفكانت تكتفي بارسال رسائل له بين الحين والآخر لتعرفه
بكل مايجري هنا وتعطيه لصديقتها الحميمة الخطيبة المستقبلية (لألفريدو)
وهي (فلوريا فلاديمير) وكان هذا طبعا دون علم والدها ولكن الجميع كان يعلم
أن (أندريه) كان أفضل عريس لها وكان أفضل خلفا وعلما منه كما كان ذات شأن
عنه ومهابة ولكن قلب (سيسل) لم يكترث لهذا أبدا.........
نتاااااابع كمان حلوووو ...
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
فابتسمت انجيليتا وهي تسمع هذا وخرجت من المطبخ بطريق مختلف لاتؤدي الى
الحديقة مباشرة بل تؤدي الى ممرات القصر وظلت تفرج على التحف واللوحات
لأفراد الأسرة على مر العصور حتى وقعت عيناها على صورة امرأة شقراء فاتنة
للغاية عيناها لازوردية تبتسم لتضيف لسحرها سحرا آخر فظلت تحدق بها مدهوشة
وقالت بشهقة إعجاب :
"كم هي رائعة"
فسمعت صوتا من خلفها يقول :
"هذا أكيد فهي أمي (آنا ڤان دييجو) "
فاستدارت (أنجيليتا) لترى محدثتها وكانت شابة في مثل سنها شعرها بني داكن
لكنها كانت عادية الجمال وعرفت على الفور أنها (سيسل فان دييجو) كانت تحمل
عينا والدها الباردتان التي تحدق بأي شئ أدنى منها بكبرياء واحتقار لاذع
وقالت لها دون أن تحيها :
"والآن وبعد أن انتهيت من التطلع لصور أفراد عائلتنا الأفضل أن تعودي لعملك "
فرحلت (أنجيليتا) مسرعة شاعرة بالإحراج فهي لم ترتح (لسيسل) كذلك هل أفراد
هذة الأسرة بهذا البرود والتعالي ؟!....وعادت الى المطبخ مجددا لأنها لن
تستطيع الخروج من الباب الرئيسي وقابلت السيدة (سوزي) وهي رئيسة الخادمات
والمربية التي ربت أبناء السيد (فرناندو) منذ ولدا لقد كانت سيدة طيبة
للغاية سمينة وقصيرة ولكنها ذات صحة قوية وكالعادة رحبت بها بشدة حيث أنها
قالت لها في أول يوم رأتها أنها تشبه ابنتها التي توفيت منذ خمس سنوات
وقالت لها هذة المرة :
"عزيزتي (أنجيليتا) تبدين شاحبة ....يبدو أن الطعام الإيطالي لايعجبك أو لايتناسب مع ذوقك"
فردت (أنجيليتا) :
"ماذا تعنين ياسيدة (سوزي) هذا مستحيل فلا يوجد ماهو أشهى من الطعام الإيطالي ولكن ماكل هذا الطعام هل هناك حفل ما ؟!.."
"نعم حفل العائلات أننا نسميها هكذا لأن السيد (فرناندو) يجمع فيه جيرانه
من عائلتي (ديميتريوس) و (فلاديمير) ليأكلا عنده آملا أن يحقق ماكان يصبو
إليه دائما"
"أتعنين أن يزوج ابنه (ألفريدو) من (فلوريا فلاديمير)؟!..."
"نعم هذا صحيح أنه من ناحيته يرغب بذلك بشدة و (فلوريا) أصلا مدلهة في
غرام (ألفريدو) منذ كانا صغارا أما والدتها (ساندرا) فإنها تفضل أن يدق
لسانها على طاولة خشبية على أن تزوج ابنتها لرجل آخرغير (ألفريدو) "
"وماذا عن (ألفريدو) هل يحب (فلوريا) ؟!....."
" آه ياعزيزتي...... السيد (ألفريدو) صعب التكهن بمشاعره وأحاسيسه فكل
مايهمه في العالم الفن والمسرح والروايات والأشعار مثل والدته السيدة
(آنا) واعتقد في داخلي أنه قد يميل الى (فلوريا) ولكنه لايحبها.....أو على
الأقل لايسهر الليالي يفكر بها....إنك لم تقابليه بعد أليس كذلك ؟!....."
"بل أتجنب مقابلته....مع كل أسفي اعتبر أفراد هذة الأسرة جميعا متحجري
القلوب متعالون لايفكرون الا في أنفسهم ولاأريد مقابلة المزيد منهم أنا
هنا للإهتمام بالخيول ولاشئ غير ذلك.....في كل مرة يأتي السيد الشاب ليأخذ
فرسا ليمطتيه أحاول ألا أكون في طريقه فجل ماينقصني هو متكبر آخر!!!"
فضحكت السيدة (سوزي) ملئ شدقيها وقالت :
"لهذا السبب عندما يأتي ليكلمني في المطبخ يتساءل قائلا(ذهبت لآخذ جوادي
(سيرجيو) ولكن مهلا....أين تلك الكولومبية التي يتحدث عنها الجميع)
وحينهاأقول له أي حجة قد تكون سبب اختفاءك....ياعزيزتي لقد ورث السيد
(ألفريدو) الكثير من صفات آل ( فان دييجو) ولكن أؤكد لك أنه ليس متكبرا بل
طيب القلب ودائما يكسر قواعد العائلات النبيلة في التحدث الى الخدم بطلاقة
وكأنهم أفراد أسرته ومصادقتهم وكسب ودهم فهو دائما يقول(إنهم يقومون على
خدمتنا في كل وقت كما أنهم يتعايشون مع أحداث حياتنا بل ويكون لهم دور
فيها وقد يسرون عنا في لحظات حزننا ويقيمون المآدب والزينة في لحظات
أفراحنا فكيف لانعتبرهم من أهلنا)"
فابتسمت (أنجيليتا) لتلك المقولة وشعرت بشئ من الإرتياح لكلام (ألفريدو)
ذاك وعادت الى الإسطبل لتكمل عملها وقررت داخلها أنها لن تختفي من مجرد
مقابلته بعد الآن ثم دخلت على الحصان (روبن) الغير مروض والذي كلفها السيد
(فرناندو) نفسه بترويضه......كان فعلا حصانا صعب المراس وهائج دائما لكنه
كان فرسا رائع الجمال يقف بشموخ وكأنه يعتز بنفسه ولن يسمح لأحد بامتطاءه
ولكنها كانت في الأيام القليلة السابقة تلاطفه وتجعله يعتاد على وجودها
وتطعمه بنفسها فهي مؤمنة أن على الإنسان أن يصادق الحصان أولا قبل أن يفكر
في امتطاءه وأحدث هذا تقدما ملحوظا فلم يعد يزمجر بغضب بمجرد اقترابها بل
أحيانا يلمس رأسه بيدها الممتدة نحوه في مودة.......
بعد أن أنهت عملها في وقت قياسي شعرت ببعض الملل فلقد ذهب والدها للقرية
لجلب بعض الأشياء وجميع الخدم مشغولون بمأدبة اليوم ففكرت أن تتمشى قليلا
في أملاك عائلة (فان دييجو) وعندما مرت بجانب القصر أطلقت نظرة على الباب
الرئيسي فوجدت سيارة تقف عند الباب وخرج منها شاب ومعه سيدة لاتصلح أن
تكون قرينة له بل تبدو وكأنها أمه وقام (لوسيانو) رئيس الخدم بتحيتهم
وارشادهم لدخول القصر فأكملت سيرها وهي مستغربة أن يأتي المدعوون باكرا
هكذا وهذا يعني أنهم فعلا معتادون عليهم كثيرا وفكرت ربما يكون ذلك الشاب
هو (أندريه ديميتريوس) وأمه.......
جابت الحقول الواسعة وتأملت الأزهار الجميلة فرأت زهرة بنفسجية فاتنة
فقطفت إحداها واشتمتها بفرح ثم وضعتها في شعرها......لاتعلم كم من الوقت
ظلت تسير وشعرت فعلا أنها ابتعدت كثيرا عن القصر وندمت لأنها لم تحضر معها
جوادا...شعرت بتعب شديد فقررت أن ترتاح تحت شجرة ما....ومن استغرقت في
النوم ولكنها صحت على صوت غراب يصدر صوتا مزعجا فشعرت بالفزع وتساءلت كم
من الوقت نامت هنا ولكن الشمس كانت لاتزال مشرقة , ثم شعرت بحركة في
الأوراق المتشابكة التي أمامهاوظلت متوجسة الى أن وجدت بندقية مصوبة
ناحيتها فصرخت مذعورة قائلة :
"لا توقف!!!......توقف!!!..."
ونهضت واقفة ولكن قدماها لم تحتملاها فترنح حتى أمسكتها ذراعان قويتان
وأحاطتا بجزعها فتماسكت وشعرت بدوار خفيف ولكنها سمعت صوت الرجل الذي
يسندها قائلا قائلا:
"ياإلهي لم أظن أبدا أن أجد فتاة نائمة هنا.....ظننتك غزال وكنت أهم بصيدك
فلا أحد يمكنه أن ينام هنا....لولا أنك صرخت فلم أكن لأعرف أنك
هنا....لاأظن أن غزال سيقول توقف....توقف!!!!..."
وسمعت ضحكة رقيقة فرفعت رأسها لتنظر له......كان أطول منها بقليل بشرته
بيضاء بياضا ناصعا وشعره كستنائي انفلق عند وسط رأسه لينساب على الجهتين
بتماثل ولكنه كان مشعث قليلا نتيجة للقفزة السريعة كانت عيناه لازورديتان
فاتنتان وحالمتان لأقصى درجة وتحت أنفه البارز كانت تقبع ابتسامة رقيقة
حالمة جميلة.......كان باختصار فاتن للغاية فنظرت اليه ببرود لأنها عرفت
أنه ابن(آنا) السيد (ألفريدو) لأنه كان يشبهها فعلا لحد رهيب وعرفت لما
تدلهت (فلوريا) في هواه ولما أغرمت معظم الفتيات به فلايمكن لأحد أن يقاوم
سحره ولكنها دفعته بقوة وقالت له:
"كدت تقتلني ذعرا ياسيد (ألفريدو) !!"
فاكتسحت وجهه الصدمة بطريقة سينمائية وقال مذهولا :
" هل أعرفك؟!.....لو رأيتك من قبل لكنت قد تذكرت بالطبع فلا يمكن أن أنسى
امرأة رائعة الجمال هكذا وحادة الطباع أيضا.....كيف عرفت أني
(ألفريدو)؟!.... "
"لاشئ .....لاتهتم.....عرفتك من صورة السيدة (آنا)..!!"
"آه هل رأيت أمي.....لكنك لم تخبريني بعد من تكونين..."
"أنا (أنجيليتا خوسيه) وأعمل في الإسطبل"
فضحك بمرح وقال :
"إذن انت هي الكولومبية...ياإلهي مايقولونه عنك صحيح فانت جميلة فعلا
وتعرفين كيف تظهرين جمالك....إن لتلك الزهرة التي تضعينها في شعرك وقع
مدمر علي وشعرك الأسود الرائع.....لا أظنني رأيت شعرا بهذا السواد في
حياتي.....دعيني ألمسه من فضلك"
وهم بامساك أحد اطراف شعرها فدفعته بغضب وقالت :
"انك تشبة السيدة(آنا) ولكن لا يبدو لي أنك ورثت عنها أي شئ من اللباقة والإحترام"
"ماذا تقولين؟!....ومن أين تعرفين أمي لتقولي هذا....على أي حال آسف إن
كنت أزعجتك ولكنك فعلا عصبية لحد رهيب.....ألا تخافين أن أطلب من والدي
ألا يقبل عملك عنده لأنك عاملتني بجفاء ؟!...."
قال هذا بمرح وكأنه يحكي عن مسرحية كوميدية فقالت ببرود:
"وهل تغازلني وتتوقع مني أن أتقبل ذلك لمجرد أنني أعمل عندك.....إذن فلتعلم أنك مخطئ"
كانت تشعر أنها ضاقت ذرعا بتكبرهؤلاء القوم فقررت أن ترد لهم الصاع صاعين
وشعرت في قرارة نفسها أنها لن تنال منه أي أذية بل شعرت بأنه يبدو رقيق
القلب وضحك بطرب وأحضر جواده الذي كان قد لحق به وقال :
"يبدو أني أخفتك فعلا لأثير غضبك هذا لكن لاتهتمي...تبدين شاحبة للغاية
وكأنك على وشك الإغماء أرجو منك أن تركبي على جوادي فلا يمكنك أن تعودي
الى القصر سيرا على الأقدام وأنت بهذة الحالة.....هيا أصعدي....من فضلك
هيا فلن أعضك..."
وساعدها على الصعود وكانت تشعر فعلا بإعياء شديد وربط بندقيته في جواده ثم نظر إليها بابتسامة ساحرة وقال :
"على الرغم مما قلتيه فأنا أظن أنك كنت مستمتعة فعلا بمغازلتي....كما لن
تستطيعي منعي من مغازلتك وقول كل مايأتي ببالي فهذا طبعي ولن أستطيع
تغييره مهما فعلت "
وحينها شعرت أن رأسها يكاد ينفجر غيظا ورأته منشغلا بأن يحكم ربط حزامه
الذي يبدو أنه تراخى مع كل تلك الحركات فدفعت الحصان الى الركض سريعا
وقالت في نفسها غاضبة:
(إذن فليعد الى البيت هو سائرا فلن أحتمل أن يركب ورائي ويكمل كلامه الوقح معي وليذهب الى الجحيم!!!!......)
نتاااااابع كمان ياحلوووين ...
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
وقف (ألفريدو) مذهولا لماحصل فلم يصدق أن تثار ثائرتها لدرجة أن تأخذ
جواده هاربة وتتركه وكأنها تعاقبه ولايدري ماهو السبب ولكن ذلك جعله ينفجر
مقهقها بصوت عالي فلم يتخيل أن أي امرأة في هذا العالم يمكن أن تعامله
هكذا فهو معتاد على الإعجاب الدائم من الفتيات من حوله ولكن لقاءه بتلك
الفتاة سيبقى في ذاكرته طوال العمر وفكر قليلا....لابد أن (أندريه) قريب
بجواده من هنا فظل يصفر في كل ناحية ومالبث بعد قليل أن سمع جوادا يقترب
منه ورأي (أندريه) قادما وهو يقول :
" ماذا؟!...هل أصطدت شيئا؟!..."
ولكنه وجده خاوي اليدين دون بندقية أوفرس فقال له :
" ماذا حصل ؟!....لايمكن أن تكون قد تعرضت للسرقة؟!..."
فزاد هذا من رغبة (ألفريدو) في الضحك وقال له :
"الواقع لم أكن الصياد هذة المرة بل كنت الضحية !!!!.."
وامتطى الحصان وراء (أندريه) ثم حكى له ماحصل فرد (أندريه) بعد أن فرغ (ألفريدو) من حكايته :
"يالها من فتاة غريبة فعلا..... ولابد أن تنال عقابها!!..."
فلم يرد عليه (ألفريدو) وبقي ساهما يفكر.........
عادت (أنجيليتا) الى القصر ولاحظت أن سيارة أخرى قد أتت الى القصر فعلمت
أن الأسرة الأخرى قد أتت كذلك وكانت طيلة طريق العودة تفكر فيما حصل لها
وما ستكون نتائج تصرفها الفظ مع سيدها الشاب ولكنها اندهشت لأنها في
داخلها أحست أنه لن يؤذيها ولكنها لم تستطع أن تطمئن ودخلت الإسطبل ووضعت
الفرس مكانه واهتمت به وعادت الى غرفتها تفكر فيما وقع حتى سمعت والدها
يتحدث الى السيدة (سوزي) بالخارج فخرجت لملاقاتهم فقال الأب في اندهاش :
"أوه هل عدت يا أبنتي من نزهتك....لم أعلم بذلك.....جاءت السيدة (سوزي)
لتسأل عنك فأخبرتها بأنك لم تعودي بعد.....لما تأخرت هكذا ياعزيزتي؟!..."
"آسفة يا أبي....كنت أتمشى فسرقني الوقت...تعالى ياسيدتي لنتكلم قليلا"
وبمجرد أن دخلتا الغرفة وأغلقت الباب حكت لها عن كل شئ فاستاءت (سوزي)
كثيرا من تصرفها ووصفته بأنه وقاحة شديدة كان عليها ألا تفعلها مهما أسئ
اليها فهو سيدها كما أضافت أن (ألفريدو) يحب المزاح وإطراء من حوله وقالت
في لهجة رقيقة "كما أنه لم يكذب فأنت ساحرة الجمال ياعزيزتي ولابد أن
تسلبي لب أي شاب يراك" فشعرت (أنجيليتا) بالحرج الشديد وفكرت أنه ربما
يخبر والده (فرناندو) ذلك الرجل القاسي وقد يؤذي والدها أو يهينه لقاء
مافعلت فخرجت لتصحح مافعلت ولكنها وجدت نفسها قد تأخرت كثيرا فلقد طلب
السيد (فرناندو) والدها لمكتبه وعلمت من الخدم الآخرين أن السيد (ألفريدو)
عاد وهو في مكتب والده كذلك فغاص قلبها وأسرعت الى مكتب السيد (فرناندو)
غير عابئة باعتراضات (لوسيانو) الى أن وصلت الى الباب وهمت بالإقتراب
والطرق فوقه لكنه فتح فجأة وخرج منه (ألفريدو) ونظر اليها مدهوشا ونظرت
اليه هي بحرج وظل الإثنان يحدقان في بعضهما وقتا طويلا.....بدا على
(ألفريدو) الجد والتأمل فشعرت أنه سيقول لها شيئا لن يعجبها فاقتربت منه
وكادت تهم بالكلام لكنه رحل وتجاهلها تماما فحزنت حزنا رهيبا وأحست فعلا
أنها ارتكبت خطأ لن يغفره أبدا بل وشعرت أنه ليس طيبا كما قال لها حدسها
بل هو فعلا قد ورث الكثير من صفات آل (فان دييجو) ومالبث أن خرج والدها من
مكتب (فرناندو) ولكن لدهشتها لم يبدو عليه أي ضيق بل وقال عندما رآها:
"(أنجيليتا) ؟!......ماذا تفعلين هنا يابنيتي؟!...."
"ماذا تفعل انت هنا؟!....ظننت أن السيد (فرناندو) استدعاك ليهينك فقررت أن آتي لأدافع عنك"
فابتسم (خوسيه) بحنان وقال:
"يا حبيبتي كم انت طيبة القلب....لكنك نسيت أني أقوم بواجبي على أكمل وجه
وليس هناك مايهينني عليه بل لقد استدعاني لأن السيد (ألفريدو) أقترح أن
يحضر نوعا من الخيول الإسبانية لنقوم بتزويجها للخيول التي عندنا لعلنا
نحصل على نوع أصيل لامثيل له وطلب رأيي في هذا......أتعرفين أن (ألفريدو)
هذا شاب لطيف للغاية لقد كان في غاية اللطف معي , استطيع القول أنه لايشبه
والده في شئ مطلقا.....أتصدقين أنه تحدث عنك في أثناء حديثنا.....لقد قال
أنك جيدة تجيدين الخيل.....هكذا قال أمام والده فزاد إيمانا بي وبعملنا
أنا وأنت"
عندما سمعت (أنجيليتا) كلام والدها شعرت بالدوار وعلمت أنه كان يسخر منها
دون أن يدري والدها وإلا لما ذهب هكذا دون قول كلمة لها ولكن غريب ألا
يتطرق الى مافعلته ويغطي عليها مع أن كانت له الفرصة كاملة وحمدت ربها
بشدة أنه لم يفعل.......
كانت المأدبة كبيرة جدا عليها جميع أصناف الطعام وهناك في أقصي اليمين
حوالي ثمانية أشخاص يشكلون فرقة موسيقية يعزفون من أجل المدعويين مع أن
عددهم لم يتعدى العشرة , كان السيد (فرناندو) على رأس الطاولة يتحدث
برسمية وبصوت جاد بارد وكان قلما يبتسم وجلست السيدة (ساندرا فلاديمير)
على يمينه وهي تتكلم بتكلف وإنفة مع (جابريلا ديميتريوس) والتي كانت
تقابلها فهي لم تكن تحبها مطلقا وحمدت ربها أن (أندريه) ابن عائلة
(ديميتريوس) لم يفكر في الزواج من ابنتها (فلوريا) لأنها ماكانت لتقبل به
أو بأمه وجلس (ألفريدو) يطلق النكات ويتحدث بمرح شديد (لفلوريا) التي
أمامه ولأخته التي تجاورها وبقي (أندريه) الى جانبه صامتا يحدق بهيام في
(سيسل) أخت صديقه وكانت في بداية الجلسة تبادله بعض النظرات وتبتسم بأدب
ولكنها شعرت أنه زاد عن حده فبدأت تتجاهل نظراته كليا ولكنه لم يستطع أن
يمنع نفسه من التحديق بها وبكل لفتة أو حركة منها ولم يستطع التركيز في أي
كلمة من كلام (ألفريدو) لأنه كان مشغولا بها وكم كان يحز في نفسه أنها لم
تبادله نفس الإهتمام وحانت لحظة الرقص فنهض (ألفريدو) على الفور وراقص
السيدة (ساندرا) وراقص (فرناندو) (فلوريا) الصغيرة وراقص بعدها السيدة
(جابريلا) ونهض (أندريه) وطلب من (سيسل) الرقص معه فلم تستطع أن تعترض
وظلا يرقصان سويا فترة طويلة دون أن تأتي الجرأة (لأندريه) على أن يقول
كلمة واحدة , كان كلامه في عينيه ولكنها لم تفهم تلك اللغة وظلت تحدق في
أخيها (ألفريدو) وهو يضحك ويرقص مع هذة وهذة بينما هي عالقة مع هذا الصامت
حتى شعرت بالضجر ولكن مالبث أن ضغط على يدها بشدة فنظرت اليه وقال لها
وكأنه كان يستجمع أطراف صوته :
" هل يكنني أن أتحدث معك قليلا......على انفراد؟!...."
فقالت بدهشة :
" أجل لابأس"
وشدها من يدها في اتجاه الحديقة حتى وصل الى جذع شجرة كان قابعا في الطريق
يشكل مجلسا لشخصين متلاصقين فجلسا عليه وظل صامتا فترة من الزمن حتى قالت
هي بضجر:
"لابد أن السيدة (ساندرا) ستحكي لنا عن رحلتها الى واشنطن بعد قليل..."
فلم يرد وسكت دهرا ثم نظر اليها بتمعن شديد حتى شعرت بالحرج ثم قال فجأة :
" أنا أحبك"
فذهلت (سيسل) وشعرت بإحراج شديد ولم تدري ماذا تقول أو تفعل وتمنت لو أن
أخها يلحظ اختفاءها ليأتي لينقذها من صديقه هذا ولم تدري هل تواجهه أم
ماذا ثم قالت محالة لكسب المزيد من الوقت :
"هذة مفاجأة لم أتوقعها حقا.....كما لم يلمح لي (ألفريدو) بشئ "
" (ألفريدو) لايعرف....لم أخبره شيئا....الواقع لم أصرح لأحد حتى لنفسي.....ولكنني أريد أن أعرف حقيقة مشاعرك.....بصراحة"
"هل أحببتني لأني شقيقة صديقك ؟!....."
"تعلمين أنه لا يمكن أن يكون السبب كما لا أريدك أن تجامليني أوتدعي بوجود
مشاعر لديك لمجرد أنك لا تريدين جرح مشاعر صديق أخيك الحميم.....فإن هذا
لاعلاقة له بصداقتي (لألفريدو) كما أنني أحب الصراحة في هذة الأمور"
فاحمر وجهها خجلا وكأنه قرأ جميع أفكارها وظلت صامتة تتلاعب بالخاتم الذي بيدها منتظرة عون السماء لكنه قال بعد صمتها بشكل مفاجئ :
"هل هناك شخص آخر؟!...."
فأجفلت وانتفضت من مكانها ونظرت اليه بدهشة وعندما اطمئنت أنه مجرد تخمين وليس معرفة بالحقيقة قالت بعد أن وجدت أنه خلاصها الوحيد :
" الواقع نعم....هناك شخص آخر.....وليست المسألة لها علاقة بك فأنت شاب
رائع يا (أندريه) وأظن أن أي فتاة في الدنيا كانت تتمنى مشاعرك.....ولكن
لأسف تضيعها على الفتاة الخطأ"
فشعرت أنه تحول الى تمثال متحجر بعد كلماتها لم يحرك ساكنا بل كادت تجزم
أنه لم يتنفس ولم تجرؤ على النظرالى وجهه ولم تدري كم لبثا جالسين دون أي
كلمة ولكنه نهض فجأة وقال:
".....هيا بنا لابد أنهم يتساءلون عن مكان وجودنا الآن" فنهضت مسرعة وما
لإن وصلا معا حتى قال (ألفريدو) " هاي أين كنتما أنتما الإثنان لقد
فاتتكما أجمل رواية ولكن لا ياسيدة (ساندرا) لا تعيدي شيئا منها حتى
يتعلما ألا يغادرا فجأة هكذا "
ضحك الجميع على كلام (ألفريدو) لكن (فرناندو) نظر الى ابنته في أمل ولكنه
وجدها قد بدى عليها الحرج بينما وقف (أندريه) ووجهه شاحب بشدة فعرف أن
الخطة التي رسمها لم تنجح وأن (أندريه) لن يكون (لسيسل) فشعر بالغضب
يجتاحه وفي هذة اللحظة كانت (فلوريا) قد استغلت غيابهما وجلست الى جانب
(ألفريدو) وظلت تتدلل عليه قدر إمكانها وتضع يدها على كتفه كحركة لكسب وده
بين الفينة والأخرى ولكنه كان دائما يمرح ويضحك ولايهتم لحركاتها تلك مما
جعل غضب (فرناندو) يتضاعف وهكذا اضطر (أندريه) الى الجلوس بجانب (سيسل) ما
تبقى من الليلة ولم يتبادلا كلمة واحدة طوال الأمسية بينما وقفت
(أنجيليتا) تراقبهم من خلف أحد الأعمدة ورأت أن (فلوريا) رائعة الجمال جدا
واستغربت عدم انتباه (ألفريدو) اليها كما أعجبها مرح (ألفريدو) وحديثه
الشيق الذي لا ينتهي وأعجبها كذلك الصداقة القوية بينه وبين (أندريه) كانا
يبدوان وكأنهما أخوان ولدا بنفس اليوم وعاشا نفس الأحداث بل وأحيانا كانا
يقولا نفس الجمل أويقول أحدهما نصفها ويكملها له الآخر ولكن (سيسل) لم
تعجبها مطلقا وعذرت (أندريه) أنه لم يبادلها كلمة........
نتااااابع كمان ياحلوووين ...
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
كان (ألفريدو) بعد مع حصل يراقب (أنجيليتا) ليل نهار دون أن
تراه.....يراها وهي تحادث هذة وتضحك مع هذة تحمل هذة بحركة رشيقة وتدلل
هذة , تضحك.....تعبس...تقفز....تركض.... ما هذا الذي يحدث لي؟!....- هكذا
حدث نفسه - أنني أراقبها دون سبب واضح وتواصل كامل أراقب حركاتها أفكارها
صوتها كلماتها لكل من حولها.....أحلل كل كلمة لأخرج منها صفة ما قد تكون
جزءا ليكمل صورة شخصيتها بداخلي.....هنا جريئة....هنا شجاعة....هنا
حادة....لا ليست حادة.....لا يمكن لهذا الجمال أن يكون حادا...إنها مجرد
لحظة غضب لها....هنا فاتنة... هنا رقيقة....هنا عاطفية ....أجل إنها دائما
عاطفية هكذا هي قلبها بجمال وجهها....روحها بفتنة عينيها أجل هي....هي من
كنت أبحث عنها طوال حياتي...هي المياة التي كنت أنتظر أن تجري في وديان
قلبي المقفرة.....هي الوحيدة التي يمكن أن تكملني.....ولكن كيف؟!....كيف
هي؟!.... ولما هي؟!.....هي بالذات.......
في تلك الأيام كان (ألفريدو) يسلم قلبه شيئا فشيئا لها ويتركها تغزوه في
خطوات ثابتة فما لبث يفكر في لقاءهما سويا يتذكر كل رؤية من عينيه لها كل
لفتة كل تكشيرة أعتلت وجهها وعندما سقطت بين يديه....يذكر كلماتها حرفا
حرفا ويحلل ويحلل حتى يلصق بها مايعجبه ويطرد عنها وعن صورتها في داخله
مالا يعجبه..... وعلم أنه لن يحتمل أن يبقى في الخفاء مدة طويلة بل
يجب...أن يواجهها.....على الفور.......
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
[blink]الفصل الثاني[/blink]
cc]الحقيقة الساطعة وم التالي كانت (أنجيليتا) في الإسطبل تنظف المكان الخاص (بروبن)
الحصان حتى رأت ظلا يحوم حولها واستدارت فرأت (ألفريدو) يرتدي ملابس الخيل
ويحدق بها بوجه جاد فاستدارت لتخفي احراجها وخجلها وعندما طال صمته وقفت
واستدارت اليه قائلة :
"أعرف ماتريد أن تقوله فلا تتعب نفسك....ماذا تريد مني؟!...إذا أردت مني أن أرحل فسأفعل!"
وهنا نظر اليها بدهشة يشوبها الجد قائلا:
"ترحلين ؟!....إلى أين؟!......"
فانتقلت الدهشة اليها فهي ظنته يريد رحيلها ولكن من الواضح أن ذلك لم يخطر بباله قط فقالت متلعثمة :
"ذلك اليوم عندما كنت عند مكتب السيد (فرناندو) ظننتك تريد رحيلي...لأنك لم تتحدث الى مطلقا.."
"يا الهي أهذا ماظننته؟!....ظننتي أني غاضب منك.....الواقع سأقول لك
ولاتغضبي....عندما نظرت اليك في تلك اللحظة كنت جميلة للغاية وأردت في
لحظة مجنونة أن أحتويك بين ذراعي ولكني رحلت مسرعا لأني علمت أن خطوة كهذة
كفيلة لتثير حفيظتك ضدي"
فاحمر وجهها رغما عنها وقالت له وهي مذهولة :
" جميلة؟!...لقد أخذت حصانك وتركتك تعود سائرا..."
"حسنا لقد كان (أندريه) قريب مني...كما أظن أن الخطأ كان خطأي ولكن أرجو في المرة القادمة ألا اضطر للسير أميال لأنك غضبت مني...."
وابتسم ابتسامته الساحرة فابتسمت رغما عنها......وبقيا صامتين كلاهما
يحدقان في بعضهما وازدادت الشمس سطوعا واجتاحت الأشعة الذهبية الإسطبل
فرمت سحرها على كل منهما ليرى كل منهما الآخر بهالته الذهبية.....أخذت
تحدق به وشعره يشتعل باللون الذهبي تحت أشعة الشمس وعيناه اللازوردية
الرائعة تحدقان بها ببريق لم ولن ترى مثيل له في حياتها ... بريق إعجاب
سافر يشوبه التقدير والشوق....بدأت ابتسامته تتلاشى وظل يحدق بها....
بجمالها الآخاذ....ووجهها الأسمر الفاتن وعيناها السوداوتان.....لم يرى في
حياته عينان بهذا السواد وهذا التألق ومالبث أن اقترب منها بخطوات رقيقة
بطيئة حتى أصبح ملاصقا لها وغمرت انفاسه وجهها وقال وهو يتنهد شوقا :
"هل انت حقيقية؟!....أشعر أنك كالسراب الذي أراه في صحراء حياتي.....أركض خلفه لاهثا لعلي أمسك به ولكنك دائما تبتعدين...."
فاستجمعت شجاعتها وأغلقت عيناها لكي لا يؤثرعليها سحره وقالت:
"نعم أنا كالسراب لن تحصل عليه لأني لست موجودة في حياتك....أنا غير
حقيقية....وكل ما تراه مني من صنع خيالك....لايمكن أن تصل يداك اليه
مطلقا...لايمكن...لايمكن.."
وعندما فتحت عيناها رأت عيناه تضيقان حزنا وألما وقال:
"لا يمكن ألا تكوني حقيقية...لما تعذبينني هكذا وأنت تعلمين مايجول بقلبي نحوك....لما العذاب"
"إذا تناسينا من نحن...فسيأتي العذاب الحقيقي لاحقا وحينها سنكون ضائعان
حائران ممزقان حزنا على المشاعرالتي ولدت ونمت بيننا حتى أصبح من الصعب
السيطرة عليها...ولا أعلم ماقد يجري....قد تتخلى عني نتيجة للمصاعب....وفي
النهاية...انت السيد وأنا الخاد...."
"لا لاتقوليها...لايهمني أي شئ مما تقولين....وكيف تظنين أنه يمكن أن
أتخلى عنك في يوم من الأيام ...أنت لا تعرفين شيئا عن الرجل الإيطالي كما
أظن...ولا كيف يدافع عن شرفه وما له" "أنا لست لك ....ولن أكون لك
يوما...والآن دعني وشأني.."
وحاولت التملص منه ولكنه أمسك ذراعها فنظرت الي عيناه للمرة الأخيرة حتى نطق اسمها بشوق :
" (أنجيليتا) .....لاتفعلي بي هذا...."
كم كان وقع اسمها في فمه رائعا مذهلا ولكنها دفعته بعيدا ورحلت
مسرعة...ظلت تركض حتى وصلت الى غرفتها وحبست نفسها وجلست لتستعيد أنفاسها
واندهشت كيف استطاع من مقابلتهما الثانية أن يوقظ في قلبها كل تلك
الأحاسيس الجياشة نحوه....حتى أنها لم تعرف نفسها...كيف يمكن أن يحدث كل
هذا السحر في لقاء لايتعدى الدقائق وعرفت لما ترغب به جميع فتيات المنطقة
فهو لا يقاوم وحذرت نفسها من الوقوع في هواه فهي لن تكون أبدا اسما في
لائحة معجباته مهما كلفها الأمر....
كان (ألفريدو) في الأيام التي تلت هذا الموقف يجلس ساهما ويحبس نفسه في
غرفته كثيرا حتى أصبح من الصعب على (فلوريا) أن تحدثه لتؤثر عليه ولكن
(ساندرا) ما كانت لتسمح بهذا فدفعت ابنتها لتصعد الى غرفته وتحدثه على
انفراد هناك ثم قالت لها هامسة بخبث :
"مهما تطلب الأمر فافعلي.....لقد تأخرت كثيرا في ايقاعه في شباكك..!!.."
"ولكن يا أمي لاأريده أن يقع في شباكي...أريده أن يحبني كما أعشقه بارادته وليس أن أؤثر عليه......كما أنني لا أعرف كيف أفعل هذا..."
"لاتكوني حمقاء سخيفة ولاتظني أني سأتركك تضيعين الفرصة من أيدينا إذا لم
تتزوجي هذا الأحمق في خلال شهرين فسترين ما سأفعله لك والآن إذهبي
اليه....حالا"
فقامت (فلوريا) نافرة مستنكرة ووصلت الى غرفته بالطابق العلوي وطرقتها
برقة فلم يجب ففتحت الباب ببطء فرأته جالسا على كرسي قربه من النافذة وظل
يحدق بنظرات جوفاء الي المنظر الخلاب الذي يقابل عينيه وكأنه لا
يراه......وكان بين الفينة والأخرى يتنهد حائرا فاندهشت (فلوريا) بشدة فهي
لم تره بهذة الحالة في حياته مطلقا واقتربت منه ووضعت يدها برقة على كتفه
ولكنه لم يتحرك ولم يتكلم فجلست على ركبتيها الى جانبه وقالت برقة :
"ما الأمر يا (ألفريدو)؟!.......أفصح وأفتح لي قلبك....ولو لمرة واحدة....اشركني فيما تشعر به لعلي أكون ذات نفع لك...."
ولكنه لم يجب فحزنت وعلمت أنه لا فائدة ترجى من علاقتهما وشعرت بحسرة
رهيبة ونظرت الى الأرض تريد أن تنفجر باكية ولكنه مالبث أن نطق بوهن قائلا
:
" (فلوريا) هل تعرفين ماهو الحب؟!....تلك المشاعر الغريبة التي تغزو قلبك
ومنه الى كيانك عندها تشعرين أنك فقدت السيطرة وتستسلمين له....بل وترحبين
به فاتحة ذراعيك دون أن تفكري لحظة واحدة في المنطق أو العقل...."
فأشرق وجهها بسعادة ليس لها مثيل وقالت بشوق ولهفة بعد أن وضعت رأسها على ركبته متوسلة :
"بلى....بلى يا (ألفريدو) ....لا أحد يعلم الحب بقدر ما أعلمه...ولا أحد
اجترع من كأس عذاب الحب....كما اجترعت ....نعم يا (ألفريدو) ...يا حبيب
عمري!!!!!"
[blink]نتاااااابع[/blink] كمان ياحلوووووووين
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
فنظر اليها بدهشة ورفعت رأسها وعيناها تكادان تلتهمانه عشقا وفي تلك اللحظة دخل (أندريه) وقال :
"(ألفريدو) ؟!....آه المعذرة هل أتيت في وقت غير مناسب؟!...لقد طرقت الباب عدة مرات فلم يجب أحد....على أية حال سأرحل حالا "
" لا انتظر يا اندريه....أريد التحدث معك...في الواقع لقد كنت انتظرك منذ يومين...."
فعلمت (فلوريا) ألا مكان لها هنا فقامت ورحلت دون كلمة فنظر إليها (أندريه) ثم نظر الى (ألفريدو) وقال :
" مابها ؟!....هل فاتني شئ؟!..."
" فاتك كل شئ كالعادة....أظنني أظنني يا (أندريه) .....قد وقعت في الحب...."
فنظر اليه (أندريه) في هدوء وقال :
"لا بأس الجميع كان يتوقع هذا ويتمناه فوالدك كان يريدك أن تتزوج (فلوريا)
فيبدو لي أنها تحبك هي الأخرى....كما أن أمها تكاد تفقد عقلها في انتظار
زفافكما"
"ما الذي تقوله......لم أعني (فلوريا) مطلقا أيها الذكي...وإنما هي!!....هي!!"
"و هل هي تلك.....لها اسم محدد؟!..."
" (أنجيليتا) ...آه..... (أنجيليتا) "
فبحث (أندريه) في رأسه ولكنه انتهى حائرا ثم قال :
"لا أحد في معارفنا يحمل هذا الأسم كما لا أظن أنها فتاة من اللاتي
قابلتهن في أحد الحفلات تحمل هذا الأسم .....فابنة أي عائلة هي؟!...."
" لا تعرفها فهي ليست ابنة عائلة و هي لا تسكن بعيدا بل هي هنا الى
جواري....أراها كل يوم وأتمزق شوقا ....إنها (أنجيليتا خوسيه)
الكولومبية..."
" مهلا ....لا تقل لي أنها الخادمة..."
"لا تقل هذا عليها...أجل هي.... "
" بالله عليك .....هل فقدت عقلك؟!...هل تريد لوالدك أن يدفنك حيا؟!....هل نسيت الشرف والكرامة ونبل العائلة؟!....."
فوقف (ألفريدو) غاضبا مهتاجا وقال صارخا :
"إن حبي لها لا يقلل أي من هذا بل على العكس أنه يزيد من شرفي واحترامي
لذاتي...لا تقل هذا يا (أندريه)....ليس منك انت...لا تكن مثلهم....فانت
صديقي ويفترض أن تكون الى جانبي أنا ....نعم أحبها.....لقد بقيت الأيام
السابقة ألاحقها من مكان الى آخر....أصارعها بالكلام وأترجاها أن تعيد
التفكير في ما بيننا ولكن قلبها أصلب من أن أطرق على بابه وعقلها يحتل
زمام نفسها.....لا أدري ماذا أفعل....حقا لا أدري أنها قوية...رابطة الجأش
لا يؤثر فيها أيا من أسلحتي التي اعتدت أن أصرع قلوب الفتيات بها حتى أني
أظن أنها ليست من هذا العالم...إنها مختلفة...ولعمري أني لا أريد شيئا من
العالم سواها.."
فكان ذهول (أندريه) عارما وقال في نفسه (مستحيل ألهذة الدرجة؟!) ولكن
كلمات النصح التي قالها بعد ذلك لم تصب شيئا من عقل (ألفريدو) وحاول عابثا
أن يخبره أي علاقة كهذة لن تكون نهايتها إلا الحسرة والأسى فما لبث
(ألفريدو) أن أمسك رأسه بألم وقال:
"توقف !!..أنت تكرر نفس....كلماتها!!"
عندما عاد (أندريه) لبيته ظل يفكر طويلا فيما حصل وشعر أن (ألفريدو) قد
فقد عقله كليا فالفتاة لم تأتي سوى من اسبوعان فقط ولكن الذي جعله حائرا
هو أن (ألفريدو) دائما شديد المناعة تجاه تلك الأمور ولم يسبق في حياته
مطلقا - منذ لعبا سويا وهما في الخامسة- أن رآه بهذة الحال....
فهي فعلا المرة الأولى.....ولكنه ليس مراهقا لكي يقع في حب خادمة....وليس
جاهلا بالأمور العاطفية لكي ينصحه ويخاف عليه فماذا عليه أن يفعل؟!...ظل
يفكر طويلا حتى انتهى الى نتيجة واحدة..أفضل شئ أن تظل تلك الكولومبية
متم*** بموقفها ولابد أن يمل (ألفريدو) يوما ما....ولكنه مالبث أن تذكر
نفسه وحبه لأخت (ألفريدو) (سيسل) فعلى الرغم من موقفها معه الأخير إلا أن
ذرة من حبه لم تنقص بل ويكاد يجزم أن حبه لها زاد وما يشعل نار هذا الحب
عذاب قلبه الذي يملك حبا من طرف واحد وفجأة لاحت له مشاعر صديقه بوضوح
ضارية وقوية فمثيلتها تندلع داخله ولم يملك سوى أن يرثى لحال صديقه ولكنه
كان واثقا أن حب صديقه لتلك الخادمة لايمكن أن يصل لدرجة حبه (لسيسل).....
وكان حال (ألفريدو) نفس حال (أنجيليتا) التي كانت تتعذب وهي تصده بقوة
ولكنها كانت متأكدة أنه لا سبيل لقلبيهما أن يتفقا ولا سبيل لروحيهما أن
يتحدا وكانت تفضى بعذابها للسيدة (سوزي) التي كانت تحتضنها لتخفف من
آلامها وفي كل مرة تحتضنها كانت تشعر بالأمومة - التي دفنتها بقلبها بعد
موت ابنتها- تنهض وتترعرع من جديد حيث أيقظت (أنجيليتا) فيها حس الأمومة
الذي ظنت أنه لن يعتمر قلبها مجددا وكانت تطلب منها الصبر والجلد....وكان
(خوسيه) يراقب ابنته ويعرف في نفسه ما يسوءها ويعذبها ولكنه بقي صامتا فهو
يثق في ابنته واختيارها ويثق أن أيا كان قرارها فسيكون قرارا سليما فهي
ابنته التي رباها وعرفها كيف تتصرف بحكمة دون أن يحكم قلبها إلا في الوقت
المناسب....
ذهبت (أنجيليتا) ذات صباح للإسطبل الذي يحوي (روبن) الحصان فوجدت هناك (ألفريدو) يتأمله ويحاول الإقتراب منه فصرخت فيه قائلة :
"انتبه!!!...هذا الحصان لم يعتد عليك بعد وقد يصيبك بأذي...."
فتحول إليها ثم نظر الى الحصان فوجده يحفر بأقدامه وكأنه على استعداد
لينقض عليه فذهبت (أنجيليتا) اليه تلاطفه وتحاول تهدئته وتحدثه في أذنيه
بصوت منخفض حتى هدأ تدريجيا فقال (ألفريدو) :
"يبدو أني لست الوحيد هنا الذي لا يستطيع مقاومة سحرك فهاك أكثر حصان خطر
في الإسطبل يسلم أسلحته لك ويقف أمامك خانعا بينما يعجز عشرة من الرجال
تهدئته أو جعله يطاوعهم "
"أرجوك كف عن غزلك ولو لدقيقة ثم...........لو تأخرت قليلا فلربما دفعك
دفعة قد تؤدي لكسر عظامك.....فأرجوك لا تقترب منه حتى أروضه تماما"
"هل انت خائفة على يا عزيزتي؟!.....كم أنا سعيد لهذا..."
"بل خائفة من عقاب السيد (فرناندو) إذا حصل لك شئ وحينها لن يكون يوما سعيدا لنا"
نتااااااابع كمان طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
"لا أدري كيف أشرح لك ذلك ولكن لدي حدس يقول أن
قلبك يحمل قبسا من تلك المشاعر التي تحتل قلبي ولكنك تأبين ألا تعترفي
بها...ولكن مهلك..... إن جفاك يحرق كل ذرة في قلبي ويحوله رمادا "
فابتسمت بسخرية وقالت :
"انك فعلا تكثر من قراءة الشعر هذة الإيام!!!"
"كل الشعر وكلماته أصبحت خاوية لا تعبرعن أي شئ مما يختلج في صدري..أرجوك لاتجافيني وأتركي لقلبينا فرصة لكي يلتقيا ويتفاهما..."
"إن آخر ما أريده لقلبي هو أن يتفاهم مع قلبك وإما أن ترحل وإما.... أن
أرحل أنا من المكان" فتخاذلت كتفاه يأسا واستدار راحلا ثم قال :
"إني راحل ولكني لن أهدأ أبدا ولن أتركك فإن هذا هو الشئ الوحيد الذي لن أقوى على فعله ما تبقى من حياتي"
وظلت هي واقفة تحدق في المكان الذي كان واقفا فيه وكلماته ترن في أذنيها مرات ومرات......
في اليوم التالي كانت (سيسل) تتحدث مع (ألفريدو) ولكنه كان ساهما غير مبالي لكلامها فصرخت باسمه حتى انتبه لها فقالت :
"هذا لايحتمل!!! أنا أحدثك في موضوع مهم وأنت لا تفعل شيئا سوى التفكير....عليك الإستماع إلي..."
" حسنا ها أنا استمع......ماذا تقولين يعني..."
"أقول لك أن عليك أن تطلب من (فلوريا) الزواج لقد تأخر الوقت كان من
المفترض...على حد كلام أبي...أن تفعل هذا منذ أكثر من شهر......."
"ها قولي لي أن والدي هو من حرضك....أنا لا أفكر في الزواج الآن ومطلقا..!!"
"ولكن ألا تحب (فلوريا) ؟!...المسكينة تحبك بشدة وتحاول عبثا إخفاء
مشاعرها أمامي ولكنها صديقتي وأنا أعرفها جيدا....كما أنها طيبة القلب ولن
تجد من هو أفضل منها لتكون زوجتك وهي رغبة والدنا أيضا....."
"لا تظني لأني طاوعت أبي في كل رغباته في حياتي السابقة أن أطاوعه في قرار
مصيري كهذا ....الزواج هو الشئ الوحيد الذي لايوجد فيه أوامر على
الإطلاق..."
" أتعني أنك فعلا لا تحب (فلوريا) ؟!....يا للمسكينة"
"لم أقل هذا...إنها تعجبني....ولكن هذا ليس كافيا...ثم من يتحدث عن أوامر
أبي وانت أول من عارضها عندما مستك فلقد كان أبي يريدك بأي طريقة أن
توافقي على (أندريه) وانت لا تكرهينه.....فلما لم توافقي عليك؟!..."
فاحمر خداها وخافت أن يكون علم شيئا عن رسائل الغرام بينها وبين
(روبرتو)....لا يمكن أن يكون قد علم أن (فلوريا) هي الوحيدة التي تعلم
بهذة العلاقة ولكن لا يمكن أن تكون قد أخبرته فصمتت ولم تجبه فقال :
"ها انت لم تجيبي وهذا دليل على صدق كلامي....لقد اقتربت من الخامسة
والعشرين وهو سن الرشد وسأرث كل شئ حينها سأكون المتصرف الأول ولن يكون
لأبي كلمة على بعد ذلك"
وهنا جاء خادم أخبر (ألفريدو) أن السيد (أندريه) جاء لزيارته فرحلت (سيسل)
وهي تفكر فيما قاله أخوها ولكنه لا يبدو أنه علم شيئا وانعطفت لتسير
لغرفتها فاصطدمت (بأندريه) الذي نسيت أنه كان في طريقه لغرفة (ألفريدو)
فصعقت وصعق هو أكثر منها وظلا واقفان هكذا دون كلمة حتى تنحنح (أندريه)
وقال بما استطاع أن يجمعه من صوته:
"صباح الخيريا.... (سيسل) "
نتااااابع كمان طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
drawGradient()
"صباح الخير (أندريه)...أرجو منك المعذرة فلدي أعمال كثيرة أريد القيام بها...."
ورحلت مسرعة ووقف هو يحدق بها طويلا حتى شعر بيد على كتفه فنظر الى الوراء
فوجد (ألفريدو) ينظر اليه بعين مدركة فعرف أنه يعلم بمشاعره نحو أخته فشعر
بالحرج الشديد وبقليل من العار لأنها رفضته وهاهو أخاها وصديقه الحميم
يواسيه جراء هذا ولم يعلم ماذا يقول فأنهى (ألفريدو) حيرته قائلا :
"لستما متناسبان يا (أندريه)....وهي ليست آخر فتاة في الدنيا....كما أني
واثق أن التي ستتزوجها ستكون أروع امرأة في التاريخ....إنك لا تستحق غير
ذلك"
فاراحته كلمات صديقه ولو أنها زادت من حرجه ومضيا معا يتحدثان......
كانت (أنجيليتا) في عملها المعتاد ورأت (ألفريدو) قادما اتجاه الإسطبل
فشعرت بالأمان هذة المرة لأن والدها يقف قربها ورأته يخرج الحصان (روبن)
فهي لاحظت هذة الأيام أنه يحاول مصادقة الحصان وتقديم الطعام له ولكن خطوة
امتطاءه كانت خطوة متقدمة جدا فهي قد امتطته مرة واحدة وفقط للتمشية ليس
إلا ولكنها لم تفعل شيئا واستمرت في عملها بينما أخذ (ألفريدو) الحصان وظل
ممسكا بلجامه ويتمشى به حتى ابتعد عن ناظرها......
بعد أن اطمئن (ألفريدو) أن (روبن) يسير الى جانبه بهدوء قرر امتطاءه فركب
فوقه ومشى به ولكن الحصان اهتاج بقوة وكان هذا متوقع منه فمال (ألفريدو)
الى الأمام ببراعة ولكن هذا زاد من اهتياج الحصان كان مصرا على اسقاطه الى
أن نجح في ايقاعه من فوقه لكن (ألفريدو) وقع وقعة خفيفة نتيجة لحذره ونظر
الى (روبن) فإذا به يركض عائدا من حيث أتى فشعر (ألفريدو) بألم في ظهره
ونظر حوله فوجد الشمس ساطعة والأزهار حوله في كل مكان فنام على ظهره أرضا
....ظل يسترجع في ذهنه شعرا عن الطبيعة قرأه في إحدى المرات وكانت هذة
أكثر اللحظات متعة بالنسبة له.....بينما رجع الحصان الى حيث كانت
(أنجيليتا) وعندما رأت الحصان وحده دون راكبه شهقت بفزع ورمت ما كان بيدها
وركضت نحو الحصان فوجدت فعلا أنه من الواضح أنه سقط من عليه فشعرت بقلبها
يعتصر ويكاد ينفجر داخل صدرها شعرت أنها نهاية العالم وجاء لها خاطر مر
كالبرق في رأسها ماذا لو أنه مات أوتكسرت عظامه فوجدت نفسها فوق الحصان
تركض الى حيث ذهب (ألفريدو)....كانت شهقاتها لا تنتهي تذكرت ابتسامته
الساحرة وكلماته التي كانت تدخل من أذنيها مباشرة الى قلبها فتجعله ينبض
كالمجنون وشعرت بخوف حقيقي لدرجة أنها لاتريد أن تكمل طريقها......
سمع (ألفريدو) صوت أقدام حصان قادم باتجاهه فرفع رأسه ونظر اليه فوجده
قادم من بعيد ورأى راكبه يحمل شعر أسود طويل فعرف أنها (أنجيليتا) فاستلقى
مكانه وتظاهر بالموت وقال في نفسه(و الآن سأضحك عليها قدر ما أشاء) وما إن
رأته مستلقيا حتى قفزت من على الحصان وهي تنادي بجزع اسمه :
" (ألفريدو) ؟!..."
وركعت الى جانبه ودموعها تغرق وجهها وهي تقول:
" (ألفريدو) .....(ألفريدو) أرجوك كلمني...يا الهي سأموت إن مت....لا تمت أرجوك!!"
ووضعت رأسها فوق صدره لعلها تسمع نبضا لكن سترته المقواه لم تمكنها من أن
تسمع أي شئ فاقتربت من رأسه ووضعته على فخدها ووضعت إصبعها - وهي تبكي
بحرقة – على وريد رقبته حتى تسمع نبضه بينما يدها الأخرى ترتب خصلات شعره
وتبعدها عن عينيه بينما شعر (ألفريدو) أن تلك هي الجنة الحقيقية فلم يسطر
أعلى كاتب للشعر مكانة كلمات تعبر عن شئ مما يحسه في لحظة كهذة وشعر كم
أحبها بل أنه يعشقها ففتح عينيه اللازوردية ببطء وابتسم لها ابتسامة والهة
وقال :
"آه ياحبيبتي....كم أعشقك...لم أكن أبدا أكثر راحة أو صحة مما أنا الآن"
فتسمرت مكانها تحدق به بعدم تصديق حتى نهض واقفا وقال لها :
"لقد وقعت في الفخ....ألست ممثلا بارعا؟!....لا تقلقي لم يصبني شيئا فأنا بكامل صحتى كما ترين..."
وظل يضحك فرحا لأنها قلقت عليه بينما هي تكاد تجزم أن شخصا رمى بآلاف
عيدان الحطب المشتعلة في قلبها ونهضت واقفة ولم تشعر بنفسها إلا وهي
تصفعه......!!!!
دوت الصفعة بشدة في الأرجاء وتناثرت خصلات شعره على عينيه ووجهه وأذنيه ورقبته وهو يحدق بها مذهولا وانفجرت باكية وهي تقول :
" أيها النذل الوقح....وأنا التي انفطر قلبي لرؤياك هكذا...أنت تتلاعب بمشاعر الناس....أنت وقح!!!!"
وجرت مسرعة بعيدا عنه وأخذت الحصان وعادت به الى الحظيرة ولكنها عادت
بسرعة الى غرفتها ولم تكمل عملها وظلت تبكي بحرقة على سريرها وهي تشعر أنه
حقا قد أوقعها في الفخ فهي الآن تحبه لأنها تأكدت فعلا من ذلك عندما رأته
مستلقي بتلك الطريقة عرفت أن رغم كل حذرها أحبته فعلا ولم تعلم ماذا
تفعل.....
أما (ألفريدو) فلقد شعر بالخزي لأنها غضبت منه هكذا ولأنه تصرف هكذا ولكنه
أراد ممازحتها فقط ولم يعلم أنها ستخاف عليه هكذا فشعر بالعزاء لأن هذا
دليل على الأقل أنها تكن له إعجابا....وما لبث أن عاد الى القصر ودخل
غرفته وأغلق على نفسه هو الآخر...
نتااااااابع غدآآآ ان شاء الله الجزء تالت
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
[color=#ff66cc]cc]ليلة القمر (فلوريا) في ذلك الوقت تزور (سيسل) ولكنها قررت أن تمر على (ألفريدو)
أولا فهي لم تره منذ فترة ولكن الخدم أخبروها أنه لا يريد أن يكلم أحدا
الآن فحزنت لأنها علمت أنها مثل أي أحد بالنسبة له وذهبت (لسيسل) مباشرة
وعندما رأتها تلك الأخيرة أشرقت فرحا فهذا ميعاد رسائل حبيبها (روبرتو)
وقالت لها بجذل :
"هل جئت بكنزي ؟!.."
فردت (فلوريا) :
"نعم ها هو كنزك....رسالة جديدة من (روبرتو) .....رسالة طويلة على ما أظن لأن الظرف ثقيل!!!"
فكادت (سيسل) تفقز فرحا وظلت تعانق الظرف وقالت والإبتسامة تكاد تشق شفتيها :
"ولكن لما أتعبت نفسك وأتيت الى هنا....كنت سآتي اليك على أي حال"
"أتيت لأرى (ألفريدو) أيضا ولكنه لا يريد مقابلة أحد......أتساءل ماذا جرى له؟!...."
"لا أدري لعله تذكر شيئا أوقرر قراءة الشعر فهوعادة عندما يقرأ الشعر يرفض أن يزعجه أحد"
فقالت (فلوريا) بحزن :
"حتى أنا ؟!...ما كنت لأزعجه أبدا "
فحزنت (سيسل) لأجل (فلوريا) ولكنها ما كانت لتبدد فرحتها فرتبت على كتف
(فلوريا) ثم فتحت الظرف بشوق وظلت تلتهم كل كلمة فيه وعندما رأتها
(فلوريا) عرفت أن لا ضرورة لوجودها فرحلت وعادت لبيتها وما إن دخلت قصر
(روزانيرا) رأت أمها بإنتظارها وقالت لها بتسلط :
"ماذا ؟!...هل قابلت (ألفريدو) ؟!...."
"لا يا أمي لم استطع...."
فاهتاجت وقالت :
"لما؟!......إذن لماذا ذهبت؟!......... أنت هكذا دائما بلا أي نفع....كيف تريدينه أن يحبك وهو بالكاد يراك ليتذكر من تكونين"
"أمي كفى أرجوك......لقد رفض مقابلة أي أحد....ثم أنا لا أستطيع أن أرغمه
على أن يحبني...أنا لا أعرف كيف أفعل هذا.....إذا لم يحبني قلبه
وحده.....فلا تزعجي نفسك ولتبحثي عن نبيل غني آخر لترمي عليه شباكك...."
قالتها بسخرية لاذعة لأمها ورحلت باكية فهي تكره تفكير أمها وأنها تريد
تزويجها (لألفريدو) لأجل انقاذ أسرتها واستغلال ثروته فهي كانت تحبه حقا
ولا تدري لما كانت تشعر دائما بأن عيناه إذ تنظران إليها لا تراها وإذا
غاب عقله في أفكار فهي لا تدور حولها وإذا دق قلبه فهو أكيد ليس لها
وزادها هذا بؤسا وشفقة على نفسها وطلبت من ربها أن يساعدها وظلت تبكي على
سريرها......
أما (سيسل) فكانت في أوج فرحها وسعادتها فلقد كانت رسالة (روبرتو) هذة
المرة زاخرة بالمشاعر الملتهبة كما تحمل خبرا رائعا أنه قادم عما قريب في
غضون أسبوع لملاقاتها وقال بمجرد أن يحضر الى ميلانو سيأتي ليراها أولا
قبل أن يذهب الى قصر (روزانيرا) حيث أهله وعمته (ساندرا فلاديمير) وسيراها
سرا في الحديقة واتفق معها على الوقت الذي سيجمعهما فاستلقت (سيسل) على
سريرها وهي تضم الرسالة بكلتا يديها الى قلبها وفرحتها لا تسعها.....
تحدث (خوسيه) مع ابنته (أنجيليتا) وأخبرته باكية عن ما آلت إليه أمورها
وكيف تشعر بمشاعر قوية تجاه (ألفريدو) فتألم (خوسيه) لأجل أبنته وعلم أن
صراعها مع نفسها لتقاوم (ألفريدو) لم يفلح فرتب على كتفيها وضمها اليه
وقال بحنان :
"يا ابنتي إن لكل قلب أحكامه وأحيانا لا تكفي قوة العقل للسيطرة عليه
وخصوصا إذا كان الغازي هو الحب....حاولي أن تتجنبيه ولتبقي يومين في
القرية عند صديقتك (نيلا) هناك فأنت لم تزوريها إلا قليلا.....حتى تنسي كل
ما جري.."
كانت (أنجيليتا) تعشق والدها وتعلم أنه في لحظات ضعفها تلجأ اليه كأم لها
وليس كأب فهو لطالما قام بدور الأثنين معا وكان دائما يحتويها ويحتضنها في
أكثر الأمور حساسية ولم يكن قد صرخ في وجهها أو عنفها في حياته قط كان
فعلا أحن أب يمكن أن تحصل عليه ابنة في حياتها ووجدت أن فكرة والدها
معقولة أن تبتعد عن (ألفريدو) قليلا فحملت حقيبة صغيرة وذهبت الى القرية
وعندما وصلت لبيت صديقتها رحبت بها أشد ترحيب وقررت أن تجعلها تنام
بغرفتها و أعطتها من ثيابها وقالت لها :
"لقد نسيتي أن تأتي للأحتفال الذي أقيم منذ أسبوعان ولكن لا تقلقي هناك
احتفال غدا.....احتفال كبير تقيمه كل مرة في قريتنا يشبه الحفلات التنكرية
للنبلاء فكل فتاة تصنع قماشا رقيقا على بقية وجهها دون عينيها ويتلثم
الرجال وفي النهاية بعد أن يختار كل رجل رفيقته فأنه يريها وجهه وهي
كذلك...!!"
ففرحت (أنجيليتا) كثيرا لهذا وقررت أنها لن تفكر في أي شئ وستستمتع بكل لحظة هنا وقررت مشاركة الفلاحات في أعمالهن....
جاء (أندريه) في اليوم التالي ليزور (ألفريدو) ولكنه وجده عائدا من الإسطبل وهو حزين وقال له (أندريه) :
"ماذا ؟!..هل صدتك مرة أخرى الكولومبية ؟!...هل تدرك حماقة ما تقدم
عليه.... أن تحب....لا لن أقولها فأنت تدركها ألا كف عن ما تفعل وعد لرشدك
من فضلك.."
فقال له (ألفريدو) :
" آه يا (أندريه) إنني في كامل رشدي....إنك لم ترها حتى تقرر لم ترى
جمالها الأخاذ....ولم تحدثها لتدرك...لتدرك جمال روحها التي تغمرني بالشوق
والهوان وعلى أية حال فلقد ذهبت لمصالحتها لكنني لم أجدها وقابلت والدها
(خوسيه) الذي عاملني بجفاء قال لي أنها ذهبت للقرية لتبتعد عني بضعة أيام
وقال أنه لن يسامح استغلالي لإبنته وطلب الى أن ابتعد عنها نهائيا.."
"خير ما فعل الرجل وأكثر خيرا لو أنك تستمع اليه..."
" كيف استمع اليه بالله عليك.....إنني أحبها...أحبها حبا لم يسبق أن أحتل
قلبي لأي مخلوق....ولقد تأكدت أنها تحمل في قلبها شيئا تجاهي...لن أهدأ
حتى أنتزعه من لسانها!!"
"ألا أحمد ربك أنها لم تكن من تلك الخادمات اللاتي يستغلنك ولم تقم بما هو
أفظع ولم تجاريك إنها الخادمة الوحيدة التي عرفتها والتي تحفظ عقلا كريما
داخل رأسها فكن ممتنا لأنك لم تقع في يد واحدة أخرى غيرها....."
"أي عقل هذا....عقلها أصلب من الفولاذ....لقد سمعت أن في القرية احتفال اليوم...ولابد أن أذهب اليه.....فلعلها ستكون هناك.."
وعندما سمع (أندريه) هذا الكلام عرف ألا فائدة ترجى من محادثة (ألفريدو) وقال له بسأم :
"أتعلم لن أعارضك بعد اليوم في حبك لتلك....الفتاة.......فأتركها تعلمك
درسا بنفسها....لقد نسيت ما كنت سأكلمك فيه...والآن سأعود للبيت..."
ورحل (أندريه) غاضبا بينما ظل (ألفريدو) يدبر حتى توصل لحل نهائي .......
وضعت (نيلا) آخر اللمسات على وجه (أنجيليتا) لتجعله جميلا تزيد فتنته
أضعافا ووضعت على وجهها المنديل الشفاف لتصبح جاهزة لحفل الليلة ونزلتا
معا فقالت أم (نيلا) :
"نيلا ها قد أحضرت أجمل فتاة على الإطلاق ومحوت صورتك من الوجود الى جانبها فبجمالها يصعب على المرء رؤية أحد غيرها"
فضحكت الفتاتان وإتجهتا الى مكان الحفل الذي يعج بالفتيات الفاتنات
الواضعات نقابا شفافا والرجال الملثمبن الذين يشبهون فرسان الصحراء وكانت
الضحكات في كل مكان ومختلف الأنواع من الطعام والزينة والورود وهناك من
لديه من الرجال موهبة العزف فعزف على الآلات البدائية ليصنع جوا رومانسيا
للحفل وهناك من تتباهى بمهارتها في الرقص فترقص على أنغام تلك الآلات
وهناك من يصفق لها ويراقبها وهناك من انشغل في أحاديث مع رفيقه بعيدا عن
هذا المكان فكل رجل أتى ليقابل فتاة أحلامه لعله يقع في الحب هذة
الليلة......ليلة اكتمال القمر...وكل فتاة تنتظر أن تقابل فتى أحلامها
ليأسر قلبها ويخطفها على حصانه الأبيض....هكذا هي حفلة..(ليلة
القمر)....كانت (أنجيليتا) في غاية السعادة لحضور حفل كهذا كان كل شئ
جميلا مبهجا ولكنها كانت تكتفي بالمراقبة ليس إلا ولم توافق على أن ترافق
أي رجل طلب اليها ذلك الى أن ذهبت (نيلا) مع أحدهم فأصبحت هي وحيدة ولكن
لم يكن لهذا أهمية عندها فهناك رجل في قلبها يداعب أفكارها ولا تستطيع
نسيانه ولكنها صممت على أن تفعل فهي هنا من أجل هذا وظلت تطرده من فكرها
كلما جاء حتى ظهر القمر فوق القرية فهلل الجميع وأقاموا رقصة ثنائية
فامتدت يد الى يدها وأخذتها دون أن تدري وأنطلق الملثم بين الجموع ساحبا
يدها دون أن يزعج نفسه حتى بسؤالها عن إذا كانت موافقة أن ترقص معه أم لا
لكنها قررت أن ترقص وتستمتع فلم تبالي ووقف بها في المنتصف ثم استدار لها
ليتقابلا ويتلاصقا....فأسرت عيناه عيناها....فلم تستطع تحويلها عنها وقام
هو بقيادتها أصابعه تلتف حول أصابعها يدور بها....في أفلاك غامضة....بعيدة
عن هذا العالم...حيث كل شئ يتلألأ....مثل النجوم في السماء...فشعرت أنها
تطير....تسبح في السماء....تكاد تلامس القمر المكتمل الذي يطل
عليهم....شعرت بسعادة لم تشعر بها في حياتها....ّذلك العالم الذي خرج من
عينيه ليحويها....شعرت أنها تستطيع أن تنظر الى عينيه ما تبقى ما من عمرها
وحدثت نفسها أنها لا تريد لهاتين العينين أن تنظران لأحد سواها هي
فقط...لا أحد آخر...عيناه اللازوردية...العاشقة الولهانة ونسيت كل شئ
والدها وسوزي وآل (فان دييجو)....و (ألفريدو) فقط الملثم الذي يقف
أمامها..هو كل عالمها...عالمها الحاضر.....
ارتفعت صيحات الإعجاب....و ارتفع التصفيق فأفاقت من سحر عينيه ونظرت حولها
فلم تجد في مكان الرقص سواها هي وهو فلقد تميزا عن الجميع فوقف الجميع
يحدق بهما وبولعهما الواضح للعيان ولو أنهما لم يريا بعضهما قبل
الآن....لم تدري كيف هذا و شعرت أنه جنون ولكنها شعرت أنها تعرفه....وأنها
تحبه وأنه لو طلب روحها في هذة اللحظة لأعطته إياها دون أدنى تردد...فقبض
على يدها وأخذها من جديد ولكن بعيدا عن الحفل وبعيدا عن الناس وعن العيون
المراقبة ووقفا تحت ظل شجرة حيث نسمات الليل تلفح وجهيهما والقمر فوقهما
يراقبهما...وعيناهما لا تزال متعانقتان...استندت (أنجيليتا) على جزع شجرة
ووقف الملثم ملاصقا لها واضعا يده على وجهها....أصابعه تداعب خدها
وعيناه...عيناه تكاد تجزم أنهما يتكلمان...حتى تكلم هو وقال :
نتااااابع كمان ياحلووووووين طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
"لقد انتظرت هذة اللحظة طويلا جدا...انت
وأنا...حبنا....أصبح الآن واضحا...لا إختلاف على وجوده...لقد نمى رغما
عنا....وخرج عن سيطرتنا...سواء رغبنا أم لم نرغب....سواء قسونا..أو رحمنا
أنفسنا...سواء بعدنا أو إقتربنا...انت وأنا
المهزومان....والحب...حبنا...هو المنتصر مهما حاربنا...."
تلألأت الدموع في عينيها تأثرا وأمتدت يدها لوجهه...لترفع عنه اللثام ولكنه أمسك معصمها وقال :
"مهما أكون...هل سأكون..فارس أحلامك..؟!...الرجل الذي ستحبين؟!..مهماأكون؟!.." فقالت هامسة شوقا : "مهما تكون....لم أعد أكترث..!!"
فرفعت اللثام عن وجه....ووجدته لا أحد غير رب قلبها التي حاولت جاهدة
تجاهله وحاولت مهما حاولت أن تحب غيره فوجدته هو نفسه مالك أمرها
(ألفريدو) .....ولكنها لم تنفر ولم تجزع...فلم تعد تبالي (بفرناندو) أو
(سيسل) أو أي أحد...لا يهمها العالم أجمع...هي تريده ...تريده لها
وحدها.....ولا يهم أي شئ آخر...فوداعا لإعتراضات عقلها...فلم تعد
تجدي...ولم يعد يجدي الحذر أو التجاهل..فلقد انفجر نبع حبهما بين رمال
قلبها ليحولها الى جنات خضراء وقالت له مؤكدة :
"مهما تكن....لن أكترث...لا أكترث للعادات والتقاليد....لاأكترث للعالم أجمع....لا أكترث..."
فدمعت عينا (ألفريدو) وشعر أنه بعد كلماتها لن يكون أبدا الرجل الذي كان
فهو رجل جديد وقلبه قلب جديد فإحساس أن تحب شخصا يجعل قلبك يرفرف سعيدا
ويجعلك تشعر بسعادة لم تشعر بها من قبل لكن أن تشعر أن هذا الحب متبادل
وأنه يحبك بقدر ما تحبه ويحمل لك نفس أنواع المشاعر التي في قلبك فهو شعور
مختلف تمام يجعلك تشعر أنك سيد العالم ومالكه.... وقال لها :
"أني أحبك....يا (أنجيليتا) ....يا حبيبة روحي الوحيدة...."
وقبل راحة يدها ونزلت الدمعة من عينيه فسارعت يدها الى وجهه لتمسحها وقالت هي :
"وأنا أحبك يا (ألفريدو) .....يا أغلى ما في الوجود...."
وبقيا متعانقين ما تبقى من الليل.......
كانت الأيام التالية هي أجمل ما في عمرهما كان يأتي الإسطبل ليحدثها
ويضاحكها وإذا كانا في حضرة من الناس فكانا يلتزمان الصمت ويتركان العنان
لحديث عيونهما ولم تخبر (أنجيليتا) أحدا عن أمرها سوى السيدة (سوزي) التي
كانت تشعر بقلق كبير عليها وعلى ابنها الذي ربته وإن لم يكن من
دمها....خافت على مصير أحب ولدين إليها وتمنت من كل قلبها لو ينتهي حبهما
نهاية سعيدة وراقب (خوسيه) ابنته وهي تتفتح يوما بعد يوم بعد أن يسقيها
(ألفريدو) من رؤياه وعشقه....كان يعلم أن العالم كله لو حاول منع هذين
الإثنين من أن يحبا بعضهما لما أفلح وبقي صامتا يرتقب جالسا في الهدوء ما
قبل العاصفة........
ومن ناحية (ألفريدو) كان الوحيد الذي يعلم بحبه (لأنجيليتا) هو (أندريه)
صديقه ولكنه لم يكن يزوره كثيرا في الآونة الأخيرة فلقد كان مسافرا لبعض
الأعمال أما السيد (فرناندو) فلقد كان غافلا كليا عما يحصل في قصره وشعرت
(فلوريا) هي الأخرى أن (ألفريدو) يقصيها عن حياته شيئا فشيئا ولكن (سيسل)
لم تكترث لأي تغير من ناحية أخيها فلقد كان لقاءها بحبيبها (روبرتو) هو كل
ما يهمها في هذا العالم.....كان (ألفريدو) يأتي ليلا ليجلس تحت نافذة
(أنجيليتا) ويعزف لها لحنا على جيتاره فتستلقي هي على سريرها حالمة تفكر
به وما إن ينتهي تظهر له وتبعث له قبلة في الهواء....فيقابلها بمثلها
ويعود لغرفته متأخرا كل ليلة على هذة الحالة وأحيانا تذهب هي صباحا
بالحصان (روبن) الى أقصى أملاك عائلة (فان دييجو) ويلحقها هو بجواده حتى
يتحدثان لمدة ساعة أو ساعتين تحت ظل شجرة ومع زقزقة العصافير...كانت تراه
دائما يضع قلادة من الذهب حول عنقه ولا يخلعها مطلقا تلك القلادة كانت
حوتين ملفوفين حول بعضهما بحب وشوق وكأنهما عاشقان وسألته :
"لما ترتدي هذة القلادة دائما؟!..."
"هذة؟!....آه إني أرتديها منذ كنت في الثامنة فهي تخص أمي الراحلة ورثتها
عن أمها فهي ترمز للحب وأذكر عندما البستني إياها قالت لي - فليغمر الحب
قلبك ذات يوم ليجعلك أسعد مخلوق- وشعرت أني لطالما كنت مرتديا هذة القلادة
فسيأتي الحب إلي لأعيش سعيدا بوجوده في قلبي الى الأبد.....كم كانت أمي
محقة....فشعور الحب وحده من يجعل الإنسان يشعر بالسعادة الحقيقية ولا شئ
آخر....أحبك"...
فابتسمت له وقالت :
"إذا كنت تحبني...أحضر لم من تلك الورود الذهبية هناك.."
"إنها زهور الكلوديا...إنها ليست في أملاكنا فهي تخص أملاك عائلة صديقي (أندريه ديميتريوس) لقد ابتعدنا كثيرا عن (كازا بيانكا) "
"ولكن هل يمنعك هذا من أن تقطف لي منها..؟!.."
"لا أبدا انتظري حتى أقفز فوق السياج لأحضر لك منها..."
وقفز هناك واختفى بين غصون الأزهار فابتسمت بفرح أنه يجعل قلبها يدق بأسرع
مما لو ركضت ألف ميل ثم شعرت بحركة تجاهها فوقفت بقلق واتجهت الى حيث سمعت
الصوت عند بقعة مختفية خلف الأشجار فرأت اثنان متعانقان وكأنهما بقيا هكذا
ساعات وساعات...لم تستطع أن تتبين من تكون الفتاة وكذلك لم تعرف الشاب على
الرغم أن وجهه في مقابلتها كان شابا يافعا وعلى الرغم من شكله المبالغ إلا
أنه كان يبدو حقا في قمة عشقه لتلك الفتاة وما إن انفصلا حتى سمعت صوت
(سيسل) تقول :
" (روبرتو)...كم انتظرت هذة اللحظة.....لقد اشتقت إليك كثيرا جدا....أرجوك
لا تسافر وتتركني هكذا مجددا أبدا....فلم تكن رسائلك تفلح حتى في تهدئة
نار شوقي وحنيني إليك..."
فقال الشاب :
"وماذا بيدي ياحبيبتي (سيسل)؟!...على أن أدرس لأحصل على شهادة عالية تكفي
لتعادل قلة ثروتي أمام والدك حتى يقبل بي فتصبحبن عروسي ولا أنفصل عنك ما
تبقى من عمرى أيتها الغالية.."
فعرفت (أنجيليتا) حقيقة الأمر وشعرت أن (ألفريدو) لن يكون سعيدا إذا رأى
هذا فاتجهت بسرعة الى حيث كان وحاولت أن تشغله قدر الإمكان ثم طلبت منه أن
يعودا سويا على أن يتقابلا غذا في نفس المكان ليقطف لها المزيد من زهور
الكلوديا...
لا تدري لما فكرت (أنجيليتا) في اخفاء أمر (سيسل) وذلك الشاب عن (ألفريدو)
ولكنها فضلت أن تقرر (سيسل) وحدها لحظة اخباره بالأمر فلابد أنها تخفي هذا
الأمر لسبب ما وخصوصا أن (روبرتو) حضر لزيارتهم كثيرا في القصر وحل ضيفا
على مائدتهم أكثر من مرة دون أن يبدو (ألفريدو) عالما بأي شئ وعامله بشكل
محايد بينما أخفت (سيسل) تماما الألفة والمودة التي تجمعهما بل من يراهما
يجدهما يتعاملان بتكلف النبلاء المعتاد ولا يمكن أن يشك في أنهما كانا
عاشقان قبل ذلك بساعات قليلة....كما لم يبدو على أحد أنه علم بالأمر سواء
(فرناندو) أو (أندريه) أو غيرهم.....
دخل (ألفريدو) ذات يوم الى المطبخ ونظر حوله فلم يجد سوى السيدة (سوزي)
فشعر بالإحباط لأنه كان يتمني رؤية (أنجيليتا) فهو كان دائما يتذرع بأي
حجة لينزل المطبخ ويراها ولكن السيدة (سوزي) رمقته بنظرة ناقدة وقالت له
بتجهم :
" إنها ليست هنا..!!!"
فقال مستنكرا :
" ومن هي؟!....أتيت لآكل بعض الحلويات...."
"إن حبك لها سيزيد من وزنك دون شك....لاتتظاهر بأنك لا تعرف عما أتكلم
فلقد كانت هي أكرم أصلا منك بأن باحت لي بكل شئ معتبرة أني أم لها
وأنت....الذي ربيتك طوال عمري لم تفكر أن تبوح لي بشئ من هذا "
"أعذريني يا عزيزتي....لم اكن أفكر في إخبار أي أحد ولم أقصدك أنت...وبما
أنك تعرفين فإنني أعترف لك أني لم أكن قط سعيدا كما أنا الآن ولم أكن
عاشقا هكذا من قبل بل ولا أظني سأكون أبدا لسواها ما تبقى من حياتي"
فطلبت السيدة منه الجلوس واقتربت منه وركزت في عينيه بنظرة جادة وقالت بلهجة قوية:
"اسمع يا (ألفريدو)......رغم أني لم أعرف (أنجيليتا) إلا منذ أن جاءت الى
هنا ورغم أن معرفتي بك تفوقها بكثير إلا أني أحذرك....إياك وأن تفكر لحظة
في التسلية بها أو اللعب بمشاعرها أو خداعها.....فهذا دون شك سيقتلها
وسيحطم كيانها كله.....وإن حدث ذلك.....فلن أسامحك طيلة حياتي ولن يريح
أبدا السيدة (آنا) رحمها الله في قبرها....هل تفهم هذا؟!.."
"انت تخيفينني يا سيدة (سوزي) صديقيني لا يمكن في يوم من الأيام أن أفكر
في حب أحد سواها أبد....آه لو تدخلين قلبي وتعلمين مقدار حبي لها....وترين
كم اسمها محفور داخله بحروف من نار لا يمكن أن يطفئها أي شئ في هذا
العالم....فلا تتعبي قلبك الرقيق في القلق عليها أو على علاقتنا فأنا وهي
كيان واحد وقلب واحد وإذا ما هزها شئ فكوني موقنة أن هذا كفيل بقتلي قبلها
ثم أنت تعرفين الطفل الذي ربيته طوال عمرك....فهل ترين هذا الوجه البرئ
يمكن أن تكون لخائن أو مخادع؟!..."
ونظر إليها ببراءة واستكانة ممازحا فابتسمت السيدة (سوزي) فعانقها وضحكت
هي من كل قلبها.....ورحل بعد ذلك ليكمل ما بقي من أعماله وبينما هو يسير
اتجاه غرفته حتى ظهر السيد (فرناندو) من مكتبه وناداه بصوت قوي :
" (ألفريدو) ؟!...تعال أريد أن أتحدث معك..."
فذهب (ألفريدو) الى مكتبه قلقا وعندما جلس والده ولكن (ألفريدو) ظل واقفا
مكانه في مقابلة ابيه الذي بقي يحدق به فلقد ظهرت ملامحه بجلاء تحت ضوء
المكتب وظهر الشبه السافر بينه وبين أمه مما تسبب (لفرناندو) بالضيق حتى
حل ربطة عنقه وقال له :
"اقترب فلا أريد الصراخ بصوت عالي حتى تسمعني......"
نتاااابع كمان طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
وما إن اقترب حتى لمع في صدره شئ معلق....كانت
قلادة الحوتان وعندما رآها شهق الأب (فرناندو) ذاهلا فهي كانت قلادة (آنا)
التي عشقتها طوال حياتها وكان هو يمقتها بشدة حتى طلب منها مرات عديدة أن
تتخلص منها على أنها ليست أصلية وذات شكل سخيف للغاية ولكنها أبت أن ترتدي
أي قلادة من الماس بدلا منها وظلت محتفظة بها في رقبتها وظن أنها اختفت مع
موت زوجته ولكن وجودها في صدر ابنه كان كما لو أن روحها ظهرت بجلاء أمامه
وشعر في لحظة جنون أنها أمامه وأنها تنظر اليه بسخرية لما آلت اليه أموره
بعد أن نحاها جانبا ورفض كل ما كانت تقوله أو تؤمن به فعبس بضيق وصرخ :
"لما تلبس هذة القلادة؟!...أخلعها حالا......أخلعها....أنا لا أطيقها..!!"
فامسك بها (ألفريدو) في حركة دفاعية وقال متعجبا :
"لقد كانت لأمي يا أبي....فلما أخلعها أني أحبها.....لقد وعدت أمي ألا أخلعها أبدا...."
فازداد ضيق والده وقال له محاولا تناسي الموضوع :
"ما ناديتك لأحدثك في هذا....أريد أن أعرف ماذا ستفعل بشأن (فلوريا) "
"وماذا عنها؟!....."
"لا تتذاكى معى أيها الشاب أنا أعني لما لم تطلب يدها الى الآن؟!"
فصدم (ألفريدو) وشعر أنه ليس موقف في صالحه كما ليس في صالحه أن يعرب عن
رغباته الحقيقية الآن فالأفضل أن يترك الأمور هكذا الى أن يجد حلا فقال :
"إني لا استطيع أن أفعل ذلك الآن....احتاج الى المزيد من الوقت لأنهي بعض
الأمور وأختار اللحظة المناسبة وحينها سأتخذ القرار الصحيح وسيكون كل شئ
على ما يرام.."
فكان (فرناندو) على وشك قول شئ لكنه تراجع وقرر ألا يضغط عليه كثيرا حتى
لا يتراجع في قراره وقرر انتظار بعض الوقت وهذا لن يضير كما شعر باختناق
شديد من وجوده معه وهو يشبه أمه هكذا فطلب إليه الرحيل مسرعا....
ومرت الأيام التالية دون مشاكل فلقد استمرت لقاءات (ألفريدو) و (أنجيليتا)
واستمرت وعود الحب بينهما حتى استطاع أن يعمل معزوفة لها خصيصا على جيتاره
وكان يعزفها لها مرارا دون أن يظهر لأحد أنه يقصدها هي دون غيرها بهذا
اللحن كذلك (سيسل) قررت أن تجعل لقاءاتها مع (روبرتو) تنحصر في قصر (روزا
نيرا) لعائلة (فلاديمير) ولم تكن (ساندرا) أو (فلوريا) تعارض هذا الأمر
لكن (فلوريا) لم تقابل (ألفريدو) أبدا في هذة الفترة بل كانت تتجنب لقاءه
مما كان يثير حفيظة أمها ولكنها كانت تشعر بقلبها جريحا (فألفريدو) يعيش
في عالم آخر ولا يحس بأدنى مشاعر مما يعتمرقلبها وشعرت برغبة ليس فقط
بهجره بل بهجر العالم أجمع وظلت معظم ساعات يومها حابسة نفسها في بيتها
وفي غرفتها تحديدا.....
لم يستطع (ألفريدو) أن يحمل الحصان (روبن) على طاعته ولم تبوء محاولته
بامتطاءه إلا بالفشل فلم يكن يقبل لأحد أن يقترب منه سوى (أنجيليتا) وكانت
هي تتفاخر بهذا الأمر ولذلك استسلم هذة المرة وأخذ حصانه المعتاد (سرجيو)
وذهب الى زيارة صديقه (أندريه)...وكانت (أنجيليتا) قد افتقدت (ألفريدو)
كثيرا فقررت ملاقاته على حدود الأراضي بين أملاك عائلتي آل (فان دييجو)
وآل (ديميتريوس) بالقرب من مزارع زهور الكلوديا وشعرت بصوت يقترب منها
وأصوات جياد أيضا فاقتربت ليتناهى لمسامعها حديث كل من (ألفريدو) و
(أندريه) الذي لم يكن سوى عنها فسمعت (أندريه) يقول :
"انت لست صديقي الذي أعرفه....لقد غيرت تلك المرأة طبعك كثيرا وجعلت ولاءك
لا لأحد بل لها وحدها....لقد فقدت عقلك تماما ولم يعد في تصرفاتك ذرة من
العقل ...بحق السماء افق مما انت فيه وانظر لما تصنع قبل أن تأتي ضربة
القدر لتفيقك وترى ما دمرت من حياتك وعلاقتك بالناس الذي يحبونك.."
فنظرت الى (أندريه) ووجهها الهادئ عادة يحمل علامات الغضب والإستنكار بينما يحمل وجه (ألفريدو) الهدوء والسكينة وهو يقول :
"أدرك خوفك علي من النتائج وقلقك ولكنك وأؤكد لك ذلك يا (أندريه) ستعرف
حقيقة الأمر وتعذرني حينها فهي ليست بنزوة عابرة وليست حب مراهق بين رجل
وخادمته بل هي أسمى علاقة يمكن أن تربط الرجل بالمرأة.....فأنا أحبها بل
أشعر أنه لاتوجد امرأة في هذا العالم يمكن أن تكون الى جواري أوتفهمني
غيرها ما تبقى من عمري..."
فرحلت (أنجيليتا) مكتفية بما سمعت ولكن كلمات (أندريه) جعلتها تشك فيما
يحدث وجعلتها تغرق في التفكير في كل ما قد يحصل جراء هذا الحب الذي لن
يكون هناك من ينصره من جميع الناس من حولها اللهم إلا (سوزي) رئيسة الخدم
ولكن هذا ليس كافيا وظلت هكذا حتى استسلمت لنوم عميق....
في اليوم التالي حضر (روبرتو) لزيارة آل (فان دييجو)وكان يأمل أن يرى
(سيسل) فهي لم تحضر لقصر (روزانيرا) منذ زمن طويل وأخبر رئيس الخدم
(لوسيانو) بأن يخطرها بقدومه وانتظرها في الردهة حتى خرج (فرناندو) من
مكتبه فجأة وكان منظره يبعث على الرهبة كما المعتاد فنظر إليه (روبرتو)
كما لو كان متهما يوشك على الإعتراف بما اقترفه من ذنب فبادره (فرناندو) :
"آه أنت هنا؟!......كيف هي السيدة (ساندرا) وابنتها؟!...."
"إنهما بألف خير شكرا...جئت لأني أشعر بالوحدة هناك وقررت أن أتحدث مع (سيسل) قليلا....أعني الآنسة (سيسل) "
فنظر اليه السيد (فرناندو) بازدراء وقال :
" (سيسل) ...لا بأس بهذا....أخبرني أيها الشاب....ألم تفكر في الزواج الى الآن؟!..."
فأجفل (روبرتو) بقلق وقال :
"أنا؟!...بلى...بلى ولكني...لم أجد الوقت المناسب بعد..."
"لماذا يقول الشباب جميعا نفس الكلمة؟!...ترى هل تفكر في فتاة محددة...؟!.."
"نعم...نعم ياسيدي...ولكني انتظر لأكون شخصا مناسبا كفؤا لأثير اهتمام والدها حتى يقبل بي"
فابتسم السيد (فرناندو) بسخرية وقال :
"أفهم قصدك تماما....فأنت شخص بلا ثروة وبلا أي شئ يميزك لتقبل بك أي
فتاة....عليك أن تعمل طويلا....حتى تصل الى المكانة المناسبة هاها"
فغضب (روبرتو) وشعر بخجل وخزي كبيرين ولم يدري بما يجيب وقال متلعثما من فرط الغضب :
"أنت مخطئ يا سيد (فرناندو) في أني لا أملك أي شئ...أنني أملك العلم فلقد
تخرجت من أشهر جامعة في امريكا....وهذا هو ما يهم هذة الأيام..."
فقال السيد (فرناندو) بصوت مرتفع :
"أنا لا أخطئ يا (روبرتو)......فلو كنت مكان والد تلك الفتاة......لما
أعرت شهادتك التي تتفاخر بها إهتماما فالمهم هو كيف تدير أملاكك وتتفاعل
مع مشاكل الحياة بصلابة ورابطة جأش وهذا لا يمنح لشخص جلس وراء الكتب في
أهم سنين حياته.....وعلى كل حال فأنا أتمنى لك التوفيق "
فظل (روبرتو) يتميز غيظا ولا يدري ما يقول فاستأذنه واستدار راحلا فناداه (فرناندو) :
"ألم تقل أنك قادم للتحدث قليلا مع (سيسل) أيها الشاب؟!..."
"بلى ولكني لم أعد أريد ذلك الآن.....أعني أني تذكرت شيئا طارئا على انجازه....بإذنك"
ورحل مسرعا وابتسم (فرناندو) بسخريته المعهودة بينما سقطت (سيسل) باكية
عند أعلى الدرج المؤدي للطابق العلوي من القصر لأنها سمعت حديثهما وشعرت
أن كل قصور الأحلام التي بنتها قد تهدمت بين طيات بعض الكلمات.....
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
cc]الجراح الدامية f66cc]في تلك الليلة كان (أندريه) يسير بحصانه.....كان
يسير طويلا ويفكر ويفكر فيما آلت إليه أمور الجميع من حوله وفيما أصبح
عليه حال قلبه بعد مع حصل معه ومع (سيسل) فهو لم يرها من فترة طويلة
للغاية والغريب أنه لم يشتق لها كما كان يتوقع بل توقع أنه لن يصمد أكثر
من أسبوع دون أن يهرع لملاقاتها من جديد ولكن حجم حبها في قلبه قد تضاءل
مع الوقت والبعاد كما ساعدته عزة نفسه وكرامته التي جرحت بعد أن رفضت حبه
بالتوقف عن التفكير فيها شيئا فشيئا........ظل سائرا بحصانه حتى طلوع
الفجر فهو كان يحب هذا الوقت دائما للتنزه بحصانه ورؤية العالم وهو في
ظلام دامس لا يلبث أن يتلاشى شيئا فشيئا ويحل الصباح ونور الشمس الذي يحول
كل شئ وكل كائن سواء حيوان أو نبات بل ويحول صورة العالم المظلم الموحش
الى عالم ممتلئ بالحياة والحيوية......كان يحدق في كل ماحوله حتى وصل الى
سفح عال ووقف بحصانه على ضخرة كبيرة تحتها على بعد لابأس به يقبع نهر رفيع
يوصل أملاك الأسرتين معا.....ولم يشعر بالصخور وهي تتحطم فجأة من أسفله
إلا عندما تراجع الحصان في حركة فجائية فجعلته يندفع الى الأمام ليقذف من
على ظهر الحصان الى أسفل......!!!
كانت لحظات رهيبة هي التي تلت هذا وهو في أسفل الطريق يتأوه ويتألم ويعلم
ألا أحد سيسمعه أو يأتي لنجدته أبدا ولا يلبث أن يموت هنا وشعر بألم رهيب
في ساقه ونظر اليها بإعياء فوجد جزعا من أحد الأشجار قد اخترقها وفجر الدم
الذي تناثر هنا وهناك فشعر بالهوان وإستسلام ولم يدري ماذا يمكن أن يفعل
وظل يصفر في كل اتجاه لعل (ألفريدو) يفهم اشارته فهو الآن في أرض آل (فان
دييجو) وكانت تلك الصفارة هي سبيل الحديث بينه وبين (ألفريدو) أثناء
رحلاتهما للصيد وتمنى لو أنه يسمع أوفكر فيما قد يكون حصل له.....ظل يصفر
لمدة نصف ساعة حتى أصابه الإنهاك وجعله فقدان الكثير من الدم يشعر بدوار
رهيب ولم يعد قادرا على فعل شئ فشعر ألا حل له سوى الإستسلام وبقى في
مكانه لا يدري ما يحدث من حوله ولا يعلم كيف سينتهي به الأمر وكل ما يرجوه
أن ينتهي بسرعة.........الى أن سمع خطوات قادمة نحوه وما هي إلا لحظات حتى
شعر بشخص الى جواره يضمد له جروحه ويمسح عنه عرقه والتراب الذي غطى وجهه
ففتح عينيه ببطء.....بعد أن استطاع الرؤية بشكل جيد وجد فتاة ذات بشرة
برونزية سوداء الشعر غدائرها تنسال من جانبي رقبتها.....تحدق به بأسى
وتقول :
"أرجوك تماسك يا سيد (أندريه).......سوف تكون بخير فقط ساعدني..."
وأشارت الى جذع الشجرة الذي اخترق قدمه وفهم أنها سوف تقوم باقتلاعه فتحمل
الألم وعندما فعلت صرخ بشدة ثم تهاوى لكنها هدأت من روعه وخلعت القماش
الذي كانت تلفه حول رقبتها كزينة ثم لفته حول قدمه لتوقف النزيف وأحضرت له
ماء بين راحتيها وقامت بارواءه فكاد يبتلع يدها من عطشه وظل يتلوى من
الألم بعض الوقت الى أن هدأ وهي الى جانبه ثم قالت :
"يجب أن نعود الآن أنا وأنت....هل يمكن أن تساعدني على أن أجعلك تركب على الحصان ... فقط الى أن تركب ؟!..."
"أجل....أجل....لكن لنرتح دقائق فقط....أشعر بإعياء ودوار شديدين...."
وظل يتنفس بهدوء وانتظام ثم أدار رأسه ونظر إليها بعين متفحصة...كانت فعلا
رائعة الجمال.....هكذا حدث نفسه....كانت كالملاك الذي يأتي لإنقاذ الرجال
في حالة أن أصيبوا في معركة ما.....ملاك رائع الجمال يطل عليهم من بين
آلامهم ....ولكنه كان واثقا أنها ليست إيطالية ووجد نفسه ودون سبب يقارن
بينها وبين (سيسل) فوجدها على النقيض كانت تبدو واثقة معتدة بنفسها رقيقة
لأبعد حد يمكن الإعتماد عليها في أصعب الظروف فلم يملك نفسه إلا أن أعجب
بها بشدة وبشجاعتها وشعر بالإمتنان الشديد لها ثم قال بإعياء :
"أشكرك بشدة....أنت انسانة رائعة....... لابد أنك تعلمين أني (أندريه ديميتريوس).....ولكن أنت من تكونين؟!....."
فنظرت اليه بريبة وقالت :
"قد لا يسرك أن تعرف......وقد تغير رأيك في بعد ذلك....."
"هذا مستحيل.....مستحيل تماما.......لقد أنقذت حياتي ويعلم الله كم كنت سأبقى هنا لو لم تحضري الى وتنقذيني..."
"لقد سمعت صفارتك ورأيت حصانك عندما اقتربت وعندما نظرت لأسفل رأيتك مستلقيا هنا...على أية حال أنا هي (أنجيليتا خوسيه)...!!"
فجمد (أندريه) في مكانه ونظر إليها بعينان جادتان فشعرت أنه من المؤكد سوف
يغضب كثيرا فلقد كان ينهر (ألفريدو) لإعجابه بها ولكنه قال :
"أستطيع الآن أن أدرك مشاعر (ألفريدو).......والواقع أصبحت أقدر إحساسه....بل ولا أملك إلا أن أناصره....!!!"
فأشرق وجهها ابتهاجا وقالت :
"أعتقد أن (ألفريدو) سيسعد كثيرا إذا سمعك تقول هذا ..."
"لابد وأن يسمعني وسأقولها له ألف مرة....كما لم يخطئ عندما وصف جمالك
بأنه جمال فريد من نوعه...حقا أنه محظوظ!!" فابتسمت (أنجيليتا)
خجلا.....وابتسم لها (أندريه) ثم قال :
"والآن أنا مستعد.... فلتساعديني لأصل الى حصاني....."
فاتكأ عليها بثقل جسمه وكم كان ثقيلا ومتجمد العضلات...كان يشعر أن جسده
قد توقف عن الحركة كليا وظل يتأوه بشدة وعلى الرغم من قرب الحصان منهما
بدت الرحلة طويلة إليه وكان الأصعب أن يرفع نفسه ليكون فوق جواده وكانت
(أنجيليتا) تكاد تحمله حملا وبمجرد أن ركبت أمامه حتى شعر بشبه إغماء ومال
فوقها.....ولما كان (اندريه) في نفس حجم (ألفريدو) فلقد كان ضخما بالنسبة
لها بحيث صعب عليها قيادة الحصان وهذا الثقل فوق ظهرها ورأسها أيضا ولكنها
كافحت وتحملت وصممت أنها ستصل حتى لو كلفها هذا حياتها.....
عندما عاد (ألفريدو) الى القصر علم بما حصل لصديقه المسكين فأسرع الى
الغرفة التي وضعوه فيها وكم ساءه منظر صديقه وعلم من الخدم ما فعلته
(أنجيليتا) فاستبشر فرحا لهذا وما إن فتح (أندريه) عينيه حتى قال :
" (أندريه) ياعزيزي...هل أنت بخير؟!...لا أصدق أن هذا حصل لك.....ليتني كنت هناك....أحمد الله أنك بخير"
فابتسم (أندريه) وقال :
"الفضل يعود لحبيبتك......إنها انسانة رائعة.....حقا رائعة.....أنا آسف
على ما قلته لك في حقها.....وكما حاولت إقناعك من قبل أن تتركها فأقول لك
الآن......إياك أن تضيع هذة الجوهرة من بين يديك...."
فضحك (ألفريدو) بفرح وأمسك يد صديقه ثم قال :
"من الواضح فعلا أن الإعياء قد أثر عليك......إنسى كل هذا ونم ياعزيزي واسترح.....فكل ما يهم الآن هو صحتك......."
وما لبث أن تحسن (أندريه) بالوقت وازداد حب (ألفريدو) (لأنجيليتا) حتى
أصبح مضاعفا ولم يعد بمقدوره أن يترك يوما يمر دون أن يراها فكان يتصرف
بصبيانيه أحيانا تكاد تفضح أمرهما ولكن السيدة (سوزي) كانت تفعل ما بوسعها
لتغطي على ما يفعلانه وكان البيت في حالة هدوء عام ولكن كان هناك شخص لا
يستطيع أن يغمض له جفن وهو (سيسل) التي كادت تجن بعد أن أختفى (روبرتو)
منذ آخر لقاء بوالدها ولم يرد على رسائلها له التي أرسلتها له مع خادمتها
لقصر عائلة (فلاديمير) على أنها (لفلوريا) ولم يزرهم بعد ذلك قط وتساءلت
بحنق كيف يستطيع أن يهجرها هكذا لمجرد أن والدها قال له بضع كلمات لم
تعجبه وكانت تريد أن تفعل أي شئ فتذكرت أن (فلوريا) حابسة نفسها في غرفتها
منذ فترة والجميع يقول أنها مريضة فنزلت وقالت (للوسيانو) رئيس الخدم إذا
سأله والدها عنها فليقل له أنها ذهبت لزيارة (فلوريا) ولكن (ألفريدو)
ناداها ثم قال :
"مهلا يا (سيسل)......هل هناك مشكلة مع (فلوريا)..؟!...."
"أجل يا (ألفريدو)......فعلى الرغم أنك تنام يوميا في هذا البيت إلا أني
أكاد أجزم أنك لا تعيش فيه ولا تعلم عن أهله شيئا (ففلوريا) مريضة وحابسة
نفسها منذ مدة وانت لم تكلف نفسك بالسؤال عن سبب إختفائها فجأة بل إنك حتى
على ما يبدو لم تلحظ ذلك..."
"أنا آسف حقا...كنت منشغلا كما تعلمين بأمور الشركات والأعمال التي أوكلها لي والدي...ولكن مهلك.....سوف أذهب معك لزيارتها..!!"
وركبا العربة سويا وذهبا الى قصر (روزانيرا) ولكن (سيسل) لم تكن سعيدة
بمجئ (ألفريدو) فهي لا تريده أن يعلم شيئا عما بينها وبين (روبرتو) كما
تمنت لو أنها تستطيع الإنفراد (بروبرتو) وظلت تفكر طوال الطريق في حجة
تستطيع اتباعها لتحقق ذلك.....
ما إن وصلوا حتى صعد الإخوان الى غرفة (فلوريا) ومعهما السيدة (ساندرا) أم
(فلوريا) ودخلت (سيسل) أولا وسلمت على (فلوريا) بحرارة ثم دخل (ألفريدو)
وما إن رأته (فلوريا) حتى أشاحت بوجهها بحزن وأسى فقرصتها أمها في ذراعها
ثم قالت :
" (فلوريا) لديها الكثير لتحدثك عنه يا (ألفريدو) فهي كانت تنتظر زيارتك
بفارغ الصبر....هيا بنا يا عزيزتي (سيسل) لننتظر قي الخارج..."
وبذلك وفرت على (سيسل) مشقة التهرب والتحجج وطبعا كانت (ساندرا) على علم
بالرسائل بين (سيسل) و (روبرتو) ولكنها لم تكن ذات حكم في هذا الموضوع
فقررت أن تدعهما يفعلان ما يريدان وأخبرتها عن مكان (روبرتو) فأسرعت
(سيسل) إليه.....كان يدخن غليونه ويحدق في اللاشئ فجرت إليه وعانقته ظهره
وقالت :
"ياإلهي كم اشتقت إليك يا حبيبي...."
فاستدار مندهشا وقال :
" (سيسل)؟!....متى أتيت؟!...لم يعلمني أحد بوجودك....."
"لماذا ذهبت عني كل تلك الفترة؟!.....ألا تعلم أني كدت أموت حزنا وأنت
بعيد عني؟!....ألم يكفيك ما قاسيته من سفرك كل تلك المدة.؟!...والآن انت
وأنا في نفس البقعة ولا يفصلك عني شئ......وترفض ملاقاتي؟!...."
ثم انفجرت باكية فحرقت قلبه دموعها وحاول تهدئتها ومسح دموعها ثم قال :
"لقد اشتقت كثيرا لك أنا أيضا....ولكن والدك..."
"أعلم ما حصل فلا تشرحه لي....وما ذنبي أنا إن كان قد قسى عليك...؟!..."
"قسى علي؟!......لقد سحق كرامتى وشرف أسرتي و كياني تحت قدميه دون أدنى
رحمة....لقد سخر من كل ما أملكه وأحلم به لمجرد أني آملت أمامه الحصول على
الفتاة التي أريدها فما بالك لو علم أنه والدها....."
"أنه مجرد كلام..........لا يمكن أن يحدث شئ من هذا........ألست تحبني وتضحي بأي شئ من أجلي؟!......."
فعبس بجد وقال :
"لقد ضحيت من اجلك كثيرا جدا من وقتي وجهدي وأدرت دفة مستقبلي مئة وثمانون
درجة لأكون عند حسن ظنك ولم أفكر لحظة ما إذا كان مستقبلي هذا محبب إلي أم
لا وأنا على استعداد لأضحي بالمزيد ولكن هذا كله بلا فائدة فوالدك لن يقبل
شابا مثلي وهو دائما يضعكما انت وأخاك في مكان عال.....عالي على كل الناس
لا يصل إليكما إلا من هم مثلكما فوق...... أما أنا......أنا لا يسعني إلا
أن أنظر إليك من أسفل ..........وأندب حظي على أني لا استطيع الوصول
لك...."
"ماهذا الذي تقوله؟!.....لست بحاجة للوصول إلي....أنا من سيأتي
إليك....أنا أحبك وسأظل دائما أحبك مهما حصل.....ولكني لا استطيع الزواج
إلا بموافقة والدي وما عليك سوى أن تتقدم إليه واترك إلي البقية"
"أتقدم إليه ليهينني ويهين أسلافي من جديد ؟!...أستطيع تحمل أي شئ لأجلك
لكن أن يهين كرامتي فهذا شئ لا استطيع احتماله مطلقا لن يغير من الأمر شئ
فأنا كما أنا...... عملة فضية.....مهما طليتني باللون الأصفر .....فلن
أكون ذهبيا"
"توقف عن الكلام السخيف الذي تقوله....إن تضحيتك لأجلي مجرد كلام
واه....كلام تقنعني به ليس إلا ولكن عندما وضعت في المواقف الحقيقية مثل
لقاءك بأبي فررت هاربا مع كلمتين قالهما لك.......أنه سيقول لك المزيد
وعليك تحمله لأجلي.....لأجل حبنا.....هذا قدرنا وعلينا أن نسعى ونضحي بأي
شئ لأجل الوصول إليه...."
كانت تمسك ذراعه بقوة ولكنه حل ذراعه من يدها واستدار بعيدا عنها فنزل
الأمر عليها كالصاعقة وشعرت أنها ربما تحلم بكابوس ولكن لا يمكن أن يكون
هذا حقيقيا هذا مستحيل.... مستحيل أن يتخلى عنها الآن وبعد كل
هذا......بعد حبهما والعالم الذي بنته في خيالها كلوحة لم يبقى لها سوى أن
تنفذ......عالمهما سويا وحياتهما سويا تقطعت الى قطع صغيرة...... فلم تملك
إلا أن ضربت ظهره بغضب بكلتا قبضتيها وجرت باكية بعيدا...
وفي تلك الأثناء كان (ألفريدو) يحدق في (فلوريا) بإستغراب من تصرفاتها فهي
عادة تقابله بسعادة وبهجة لا يوصفان وهذة هي المرة الأولى التي يراها فيها
عابسة بهذا الشكل وحزينة الى هذا الحد ثم جلس على السرير الى جوارها بعد
أن تفحصها ما فيه الكفاية وقال :
"ياعزيزتي (فلوريا) كم أنا حزين لأجلك ولأجل مرضك.....صدقيني لم أعلم إلا
من (سيسل) لذلك جئت مسرعا لأراك....ما رأيك أن أقرأ لك قليلا من كتاب ما
حتى أسليك؟!..."
ولكنها رفعت الغطاء إلى ما فوق أنفها وبدأت عيناها تدمعان ولم تجبه فازدادت حيرته فقال بصوت حنون بعد إن اقترب منها :
"ما الأمر ياعزيزتي؟!.....هلا أخبرتني....ألسنا صديقان حميمان وتخبريني
بكل ما يجول بخاطرك؟!.....ألم نعتد على ذلك؟!.....هيا أخبريني قد أستطيع
مساعدتك"
"وانت يا (ألفريدو).....هل تخبرني دائما......بما يجول في خاطرك ويقلقك؟!...."
فاندهش من ردها وتراجع قليلا فرفعت الغطاء وقالت بتحد ودموعها تغطي وجهها :
"الإجابة هي بالتأكيد لا.....أنت لا تهتم بي ولم تكترث لعدم حضوري مطلقا
ولم تكترث حتى بالسؤال عن السبب....أنت لا تهتم بي مثقال ذرة....فكيف بربك
ستساعدني"
وانخرطت في بكاء مرير فتأثر (ألفريدو) ولمنظرها وشعر بالخزي والخجل لما
فعله ولم يعرف ما يفعل ليصحح الوضع فوضع يده على كتفها وقال بحنان :
"أنا جد آسف يا (فلوريا)......لم أدرك حجم الإهانة التي سببتها لك إلا بعد
أن سمعت كلامك.... وأعلم أنك دائما طيبة القلب ورقيقة....هلا سامحتني
أرجوك.....لأجل خاطري لا تظلي غاضبة على....والآن أرجوك أخبريني عن سبب
حزنك ومرضك المفاجئ فلا تبدين لي مريضة جسمانيا..."
فهدأت تدريجيا ويداها تغطيان وجهها وانتظم تنفسها وما إن نظرت إليه حتى
جزع من نظرتها الحانقة الحزينة وهي تبعد يده عن كتفها وهي تقول :
"انت هو سبب كل ما أنا فيه......أنت فقط ولا أحد سواك.....والآن بعد أن
أيقنت أنه لا سبيل لك لمساعدتي.....أرجوك دعني وحدي فرؤياك تمزق قلبي
وتعذبه..."
ولم تفتح فمها بكلمة بعد ذلك فخرج (ألفريدو) وهو الآخر دون كلمة وشعر أنه
من الأفضل له ان يقابلها في وقت آخر فهي تبدو في أسوء حالاتها الآن ولكنه
لم يجد أخته مع السيدة (ساندرا) بل وجدها في السيارة وهي تحاول جاهدة أن
تخفي أنها كانت تبكي ورحلت السيارة حاملة الإثنان وهما في أشد حالاتهما
حيرة واستهجانا......
مالبث (ألفريدو) أن تناسى حادثة (فلوريا) بعد أن أمضى وقته مع حبيبة قلبه
(أنجيليتا) وكان قد لحن لها لحنا جديدا وسأل عنها فعلم أنها في الإسطبل
وعندما ذهب الى هناك وجدها تنظف الحصان (روبن) فوقف بعيدا عنها قليلا وظل
يعزف على جيتاره اللحن وكان رائعا مؤثرا واستدارت له تحدق به بعشق دون أن
يكونا على مرأى من أحد وبعد أن انتهى من اللحن اقتربت منه وقالت :
"أنه رائع يا (ألفريدو)......رائع....ما اسمه..؟!..."
"أسمه لحن (أنجيليتا) .....!!"
ففرحت وأخذته بين ذراعيها....كان كل اطمئنان العالم يدخل قلبها عندما تكون
هناك في حضنه.....لا يمكن أبدا أن يؤذيها أحد وهي هناك ولكن في أعماق
قلبها كان هناك خوف كبير.....خوف من القدر أن يسلبها إياه شعرت أنه إذا
حصل هذا فقد تموت حقا وعندما جاء لها هذا الخاطر اضطرب قلبها فشعر
(ألفريدو) به وقال بحنان :
"يا عزيزتي....لما اضطرب قلبك؟!.......أهناك ما تخافين منه ؟!...."
"أخاف من غدر الزمن يا (ألفريدو).......أخاف أن أصحو يوما ولا أجد لحبنا وجود....أخاف مما يخبئه لنا مستقلبنا...."
"ما كل تلك الأوهام.......إنك تصنعين المشاكل في خيالك ليس إلا.....ثم
مهما خبئ لنا الزمان فهذا لن ينقص من حبنا ذرة أو على الأقل من حبي
أنا.....لا يمكن ألا أحبك أو أن أتخلى عنك مهما حصل.....مهما حصل...فليكن
عندك الإيمان بي وبنفسك وبحبنا هذا أهم شئ ياحبيبتي.."
مر يومان كاملان و(سيسل) تكاد تتمزق إربا من فرط حسرتها على نفسها وألمها
وما آلت اليه أمورها وشعرت أنه لا يمكن أن تكون تلك نهاية حبها مع
(روبرتو) وأنه لابد وأن يتصرف أو أن يتقدم لأباها لمحاولة إصلاح ما فسد من
علاقتها ولكنها شعرت بداخل أعماق قلبها أن هذا لن يحدث وأن (روبرتو) كان
متغيرا في تلك المرة فعلا لم يكن الرجل المستعد دائما للتضحية بأي شئ
لأجلها لا لم يكن هو بل كان في نظرته جملة واحدة طعنتها (انت لا تستحقين
كل هذا العناء) وكلما تذكرت هذا الخاطر انهارت باكية تضرب بذراعيها على
صدرها من شدة حنقها وحسرتها والمشكلة أن الوسيط الوحيد بينهما وهو
(فلوريا) لم تأتي لزيارتها منذ فترة طويلة أولا مرضها وثانيا غضبها من
(ألفريدو) وهي لا تستطيع الذهاب إليها أيضا لغضبها من (روبرتو) وأرسلت
رسالة مع خادم صغير الى (فلوريا) تشرح لها فيها ما آلت إليه أمورها مع
(روبرتو) وكان بين سطور الرسالة رجاء وتوسل خفي أن تحاول أن تحدثه ليعيد
التفكير في الموضوع ويغير رأيه ويتصرف ثم مر يومان آخران وهي تكاد تموت
فلم يصلها رد من (فلوريا) أو (روبرتو) وشعرت أنه لا فائدة وجاءت لها فكرة
غريبة في رأسها أن تفكر في الإنتحارولكنها شعرت برعدة في جسدها وحاولت طرد
تلك الفكرة من رأسها ثم تناهى الى أذنيها صوت عربة قادمة فأسرعت الى
النافذة فوجدتها سيارة (فلوريا) فكاد قلبها يخرج من صدرها فرحا وجذلا
ولبست ملابس مناسبة لإستقبالها وبعد قليل كانت (فلوريا) في غرفتها.....ما
إن رأتها حتى أخذتها (فلوريا) بين ذراعيها وقالت :
" يا إلهي يا (سيسل) تبدين شاحبة للغاية.....ألم يرك السيد (فرناندو) ليحضر لك طبيبا أو أي شئ؟!.."
"لا أبي لا......لا يجب ان يعلم شيئا عن ألمي فلن يستسيغه أو يشعر به كما
لا أستطيع إخباره بالحقيقة....ولكن يا (فلوريا)...لقد كدت أموت كمدا في
انتظار أي شئ منك.....لقد ظننت أنك تخليت عني بسبب ما حصل بينك وبين
(ألفريدو) "
"لا...لا يا (سيسل)....مهما غضبت من (ألفريدو).....فأنت ستظلين صديقتي
الوحيدة مهما حصل.....كما أن (روبرتو) في حال سيئة منذ أيام ولم تسنح لي
الفرصة لإثناءه عن قراره أو الحصول على رد منه إلا ليلة أمس فأتيت لك
اليوم فورا....."
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
فمدت (سيسل) يدها بلهفة مؤثرة وقالت :
"أرجوك أعطني أياها يا عزيزتي ....هيا"
فأعطتها الرسالة ثم قالت بصوت حزين :
"هناك بعض الأمور حصلت (لروبرتو) على مع أعتقد فلقد وصلت له رسالة من
أمريكا حيث يعيش أهله..... أرجو أن يكون خيرا فهو لم يحدثني لا أنا ولا
أمي عن الأمر.....والآن سأتركك تقرأينها وسآتي إليك فيما بعد.."
ثم تركتها ورحلت فأسرعت (سيسل) بفتح الرسالة وقرأت :
عزيزتي (سيسل) :
أدرك ما آلت إليه أمورنا وما جاء بيننا من احداث وأدرك جيدا أنها قد صنعت
شرخا كبيرا في علاقتنا....لن يجعل هذا الشرخ لقاءنا سهلا أو تفاهمنا
وبالتالي لن يجعلنا نستمر طويلا لذا فلقد فكرت في أن نأخذ فترة راحة حتى
يعيد كل منا ترتيب أموره والتفكير بروية بالخطوات التي سيتخذها فيما بعد
وبعد أن فكرت بذلك بيومان جاءت إلي رسالة من أسرتي في أمريكا تفيد أن
والدي مريض جدا وأن علي الحضور فورا لمساعدته...وهذا ما قررت فعله سأسافر
لأمريكا لفترة غير معروفة حيث أني لا أعرف كيف هي حالة والدي على وجه
التحديد كما لا أعرف كم سأبقى هناك......وحتى ذلك الحين فلنترك كل شئ
مكانه حتى نتخذ القرار السليم....
المخلص (روبرتو)
تراخت أصابع (سيسل) وسقطت الورقة من يدها ثم وقفت تحدق في اللاشئ بعينان جاحظتان وكاد قلبها يتوقف عن الخفقان وظلت تقول بصوت مسموع :
"النذل....كيف يجرؤ ؟!... كيف أمكنه؟!.......ذلك النذل"
وتهاوت على إحدى التحف على مكتبها وهمت بقذفها ولكنها تذكرت أن هذا لابد
سيجعل (ألفريدو) ووالدها يشكان فيها ويريان حالتها المزرية وقد يعرفان بكل
ما حصل فوضعته مكانه وانهارت على الأرض باكية وما إن ازدادت صرخاتها علوا
حتى وضعت وسادة على فمها حتى لا تصدر صوتا كان ألمها قاتلا ما كانت
لتتحمله وحدها ولكنها علمت أنها لا يمكن أن تشارك أحدا فيه فزاد ذلك من
ألمها أضعافا ومن شفقتها عل نفسها....
عندما نزلت (فلوريا) من عندها علمت من الخادمة أن (ألفريدو) ليس في غرفته
بل في الإسطبل فذهبت لتراه ولم تحدد ما ستقوله له بل لم تدري لما ستذهب
لتراه ولكنها ذهبت على أية حال والتفت حول مبنى الخدم ودخلت الإسطبل من
الباب الخلفي فسمعته يضحك ويقول :
"آه حبيبتي....كم اشتقت إليك....اشتقت لكلماتك وضحكاتك.....كيف لي أن أعيش بدونك؟!."
وسمعت صوت فتاة ترد قائلة :
"كل هذا لأني لم ارك يوم امس....على أية حال لقد اشاتقت عيني لك أيضا"
فمدت (فلوريا) رأسها لترى ووجدت (ألفريدو) يمسك بيد فتاة سوداء الشعر يبدو
من ملابسها أنها خادمة وتذكرت أنها خادمة الإسطبل التي ذكرها (ألفريدو) في
حديثه مرة فكادت تشهق ذعرا لولا أنها وضعت يدها على فمها لتمنع الصرخة ثم
خرجت مسرعة وهي تبحث عن أي شئ تستند عليه فلقد أخارت الصدمة من قواها
ووجدت صخرة قرب شجرة أمامها فتهاوت فوقها ووجدت نفسها تبكي بحرقة فلقد
ضاعت آمالها هباءا وذهبت كل أحلامها أدراج الريح وتمزق قلبها إربا بفعل
من....بفعل الشخص الوحيد الذي أعطته مفتاح قلبها , حبيبها الذي لن تستطيع
أن تحب أي رجل في هذا العالم كما تحبه....لما تركها ولم يعطيها مشاعر
بالمقابل.؟!.. لما هذا؟!....لأجل مجرد خادمة...خادمة في الإسطبل....هذا
يعني أنها أدنى مكانة منها بالنسبة له.....أدنى بكثير فتلك الخادمة تعامله
بعزة نفس على الأقل وهو الذي يقدم لها الولاء والحب فجعلها هذا تحقر من
شأن نفسها في داخلها وجعل دموعها أنهارا وفي تلك اللحظة خرج (ألفريدو) من
الباب الخلفي فرآها جالسة تبكي فقال :
" (فلوريا) ؟!...أنت هنا؟!....هذا رائع...كنت أريد التحدث معك لكنك تلك
الليلة كنت بغاية الإستياء....ولكن....يا إلهي هل تبكين؟!...ماذا
جرى؟!..."
وعندما رأته ازداد ألمها حتى أصبح شعورها وكأنه مطرقة من الفولاذ تطرق فوق
قلبها فازدادت صراخا واهتياجا وحاولت الهرب منه ولكنه أمسك بها وقال :
" (فلوريا)..؟!...أرجوك إهدئي....ماذا أصابك؟!.. أرجوك أخبريني يا
عزيزتي.....لهذة الدرجة أنت حزينة مني.؟....لا لا تذهبي...لن أتركك حتى
تخبريني ماذا يحدث لك...لقد فطرت قلبي"
وأمسك بكلتا ذراعيها وجعلها في مواجهته وقربها منه فرؤيتها بتلك الحالة
كان أمرا في منتهى السوء بالنسبة له وفي تلك اللحظة سمعت (أنجيليتا) صوته
فخرجت لترى ما يجري فوجدت تلك الفتاة بين يديه وهو يتوسل لها لتخبره وكأنه
يعتذر منها عن شئ ما فاختبئت خلف الباب واستمعت الى ما يقولانه فقالت له
الفتاة :
"حسنا إذا كنت تريد أن تعرف.....لقد حطمتني....حطمت قلبي وكسرت كل السعادة
في داخل نفسي....أهذا ما كان يبعدك عني ويجعلك لا تتقبل حبي....أهذة هي من
حصلت على قلبك دوني....تلك الخادمة..؟!"
فذهل (ألفريدو) وتركها وقال :
"....هل رأيتنا؟!.....كيف علمت بالأمر؟!......هل أخبرك احد؟!....."
"لقد رأيتك بعيني وسمعتك بأذني....ومهما حاولت ان تعتذر لي عما حصل فلن
يصلح شيئا.....كيف تفعل بي هذا يا (ألفريدو) ؟!....ماذا فعلت لك لتفعل بي
كل هذا؟!....لقد كنا صديقان منذ الطفولة......لقد كنا معا منذ ولدنا
والجميع كان يعلم أننا لبعض وأنه لن يتزوج احدنا غير الآخر....كل هذا
تتخلى عنه لأجل تلك الفتاة؟!...لما؟!....لما؟!..."
وانهارت باكية فقال متلعثما :
"لا.....لقد فهمت كل شئ خطأ.....صدقيني....ولكن يجب ألا تخبري أحدا بما رأيتي....ستفسدين كل ما خططت له.."
فنزلت كلمات (ألفريدو) كالصاعقة على (أنجيليتا).....فلقد اتضح لها فجأة من
يكون وما كان ينويه في داخله.....فهو لم يكن يحبها حقا بل كان كل هذا
تمثيلا....لأجل ماذا لأجل أن يتسلى بها لأجل خطة في رأسه وهو لا يريد لأحد
أن يعلم عن علاقتهما حتى لا يصغر هذا من قيمته او منظره......وشعرت أن
قلبها يكاد ينفطر بينما قالت (فلوريا) :
"حتى لوأخبرتني أنها مجرد نزوة بالنسبة لك..فهذا لن يغير شيئا....لقد
أحببتك ...نعم وأعترف بذلك.......أحببتك منذ كنا صغارا ولكني يوما لم أشعر
بجزء من تلك المشاعر بداخلك إتجاهي ولكن كان عندي أمل...أمل بعيد أن تكون
لي يوما حتى أصبح هذا هاجسي الوحيد ولكن الآن وبعد ما رأيته لم يعد الأمر
يهم شيئا "
وظلت تبكي ورأته (أنجيليتا) ينظر الى (فلوريا) بأسى شديد وكأنه...وكأنه يحبها وسمعته يقول :
"آه ياعزيزتي.....لا يمكن هذا....لا أصدق ما يحصل.....لم أتوقع أن يأتي هذا اليوم ابدا....أنت لا تعلمين كم انت مهمة بالنسبة لي...."
فلم تستطع (أنجيليتا) أن تسمع المزيد وجرت بأسرع ما يمكن.....بعيدا
عنه.....أقسى ما يمكنها اتبتعد عنه فلقد عرفت حقيقته ولكن للأسف متأخرا
جدا.....
بينما (ألفريدو) لم يدري ماذا يفعل في موقف كهذا فلقد انفطر قلبه حزنا على
(فلوريا) وعلى أحاسيسها ولم يتخيل أن يكون يوما ما سببا في أساها هذا ولم
يدري ما يقول فأمسك بيدها وحاول تهدئتها وقال :
"كم أنا حزين يا (فلوريا) لأسمع هذا منك.....كم أشعر بالحزن والأسف لأجلك
ولأجل ما تشعرين به.....لقد كنا صديقان حميمان جدا ونفهم بعضنا جيدا
وقضينا أوقاتا لطيفة معا ولم أتخيل أن يحصل موقف كهذا بيننا.....أنا مدرك
أني لم أعطك حبا مقابل حبك ولكن لتعلمي أني أحمل لك حبا بالمقابل كبيرا
جدا ولكن فقط ليس من نفس النوع وليس السبب انت بل السبب قلبي......قلبي
الذي وقع لأجل فتاة واحدة...قد ترين فيها مجرد خادمة في
الإسطبل.....ولكنها افضل من ذلك بكثير أنها أروع امراة قابلتها بقلبها
وروحها ورقتها وحنانها وقوتها وعزة نفسها.....لا أعرف كيف أحببتها أوحملت
تلك المشاعر لها ولكن الأمر حصل وليس بيدي حيلة ولكن لا علاقة لك بالأمر
أبدا فأرجوك توقفي عن البكاء فهذا يقتلني ولتعلمي اني أحسد الشخص الذي
ستتزوجيه منذ الآن على قلبك الرقيق وحبك الصافي الذي سيحصل عليه حتى دون
ان أعرفه......كل ما أعرفه أنه أكثر الرجال حظا....كنت أتمنى أن أكون
مكانه ولكن قلبي.....انت تعلمين....أنه قلبي....وليس بيدي حيلة
فيه....فأرجوك يا (فلوريا) توقفي عن البكاء ولتسامحيني.....ليفهمني قلبك
كما كان يفعل دوما.....فأنا أعلم أنه سيفعل.."
وأمسك بكلتا يديها ومسح دموعها وقام بإيصالها لبيتها أما هي فلم تنطق بكلمة بعد كل ما قاله.......لم يستطع فمها ان ينطق بكلمة.....
نتااااااابع كمان طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
عندما عاد (ألفريدو) مر بجانب الإسطبل فرأى (أنجيليتا) من بعيد تلاعب بعض الخيول وشعر انها تتعامل ببعض العصبية فاقترب منها وقال :
"أنظري ماذا أحضرت لك يا حبيبتي وأنا في طريق العودة......بعض الزهور التي تعشقينها....ألا تريدين أن تشتميها وتضميها إليك؟!...."
ولكنها ظلت متجاهلة له وقالت :
"لا شكرا....لست بحاجة للورود بعد الآن.....!!!"
فاندهش من لهجتها وقال لها :
"ماذا حصل يا عزيزتي هل هناك شئ؟!....."
فظلت بهدوءها وقالت :
"لا شئ......ولما يجب ان يكون هناك شئ؟!ّ....هل لأني لا ابتسم لك وأمازحك
كالعادة؟!.......يجب أن تعلم اني لست دائما على استعداد لفعل ذلك ولست
دائما في مزاج جيد للحديث معك"
"ما الأمر؟!....هل فعلت شيئا جعلك تغضبين؟!....ولكني لم أغب سوى ساعة ولقد
كنا في افضل حال عندما كنت معك في الأسطبل......مالذي حصل منذ ذهبت وحتى
أتيت...؟!......"
"قلت لك لم يحصل شئ.......والآن ابتعد عن طريقي أنت تؤخر عملي..."
فأمسك بذراعها مانعا إياها من الحركة وقال : "أنظري إلي.....أخبريني ماذا حصل....تكلمي يا (أنجيليتا) "
"ولماذا يجب أن تعرف؟!.....ابتعد عني..."
فهتف ظافرا :
"هناك شئ إذن.....لن أتركك حتى تخريني.....هيا..!!!"
"كفى...كفى ابتعد عني لن أخبرك شيئا......ولما افعل؟!..."
ودفعته بغضب فعلى الرغم من حبها الشديد له تمنت لو تضربه وهرولت مسرعة
بينما تسارع تنفسه وشعر بغضب حقيقي لأنه لا يستطيع أن يفهم ما بها ثم قال
فجأة جملته صارخا...كادت تجعلها تسقط على الأرض حيث قال :
"أريد منك أن تتزوجيني....!!!!!"
استدارت له مذهولة وكان هو مذهولا بكلماته مثلها تماما وكأنها خرجت من
عقله الباطن فشعر بالغضب لأن هذا دمر كل مخططاته واقترب منها....كانت
النظرة الذاهلة لا تفارق وجهها ثم قال مؤكدا :
"أجل أريد منك أن تتزوجيني..."
"....لا!!!!!!"
قالتها بصرخة فزع فجرحته الكلمة وقال :
"هل تنفرين من الفكرة لهذا الحد.....فكرة أن تكوني امراتي....أم أولادي؟!.."
"كفى لا تكمل....لا تكمل"
وحاولت الهرب مجددا ولكنها أم***ا بقوة هذة المرة وأدارها إليه وقال بعينين معذبتين :
"أحبك....أحبك كثيرا.."
"كفى ..!!!"
"وأريدك أن تكوني زوجتي...إلى أن يفرقنا الموت..."
"كفى ..!!!"
"وننجب أولادا كثيرين ونعيش ما تبقى من حياتنا سعداء لا ينقصنا شئ.."
"قلت لك توقف.!!"
ودفعته فكان هذة المرة وكأن الحزن تملكه وقال قانطا :
"لماذا لا تريدين الزواج بي؟!....لماذا؟!....ماذا تريدين أن تكون نهاية حبنا إذا؟!....."
"كفى كذبا ونفاقا....أهي الخطة التالية التي اتبعتها؟!....ماذا ستكسب من
ذلك؟!.....لقد اكتشفت حبيبتك خدعتك فأردت التصرف بسرعة....ولكن ماذا ستجني
من ذلك؟!....أن تستمتع بإذلالي؟!.."
كانت صدمته حقيقية وقال :
"عما تتحدثين؟!....."
"لا تحاول خداعي فلن تنجح بعد الآن.....وأنا التي احببتك وتوقفت عن
الإستماع لعقلي لأني وثقت بك وقلت انه مهما حصل فلن تتركني ولن تتخلى عني
ولكن كل هذا كان أوهاما.....العالم الذي بنيته كان وهما....لقد خدعتني
وحطمت قلبي....كل هذا لأنك سيد المنطقة وأنا الخادمة؟!....ولكن ألا تعلم
أن الخدم لهم مشاعر ايضا وأحاسيس؟!.....أنهم بشر مثلك....كيف فعلت بي
هذا؟!....لقد دمرتني......حطمت قلبي..."
ووقعت على ركبتيها تبكي بحرقة فرفع (ألفريدو) رأسها بعنف وقال صارخا :
"ماهذا الهراء الذي يخرج من فمك؟!......ماذا جرى لك ؟!....تكلمي!!!!"
"لقد....سمعتك انت و (فلوريا).....سمعت كل شئ.....سمعت كيف توددت إليها
حتى لا تنطق بحرف عن علاقتنا التي تمثل أكبر عار في حياتك....سمعتك وأنت
تقول أن ذلك سيفسد حياتك ومخطاطك.....سمعت كيف أنفيت أي تأثير لعلاقتنا
على حبك لها....."
"هذا إذن ما حصل؟!.....أيتها الحمقاء.....لابد انك لم تسمعي ما تبقى من
الحديث.....ألم تسمعي كيف اعترفت لها بحبي لك وحاولت ان أفهمها بكلمات
رقيقة أن حبها لن يجد له مقابل في قلبي لأني احبك انت؟!.....كم انت سريعة
الشك.....كان عليك أن تثقي بي ولو قليلا...أما بالنسبة لمخططاتي فلم يكن
منها أني سأطلب منك الزواج اليوم.....كنت سأفعل هذا يوم عيد ميلاك القريب
وكنت سأقدم لك خاتم الزفاف كهدية عيد ميلادك ها هي أنظري..!!"
وأخرج علبة من جيبه وفتحها وظهر خاتم من الزمرد في وسطها....كان أروع خاتم
وقعت عليه عيناها...كان بلون لازوردي مثل عينيه تماما وقالت وسط دموعها :
"هذا .....هذا غير حقيقي....انت تخدعني...."
فركع أمامها وقال بابتسامته العاشقة :
"ماذا؟!.....ألا تزالين تشكين بي؟!....من الصعب إرضائك أليس كذلك؟!....لقد
كنت أخطط لهذا الأمر منذ زمن....أمر زواجنا والمكان الذي سنعيش
فيه....وكيف سأطلع أبي وأبيك....وماذا سنفعل في شهر عسلنا وكل هذا كان
سيدمر في حال حصل شئ مفاجئ وعلم أحد بما بيننا قبل أن أنفذ كل ما برأسي
وقبل ان تكوني زوجتي حقا "
"أنت حقا تريد أن تتزوجني؟!...."
فقال يائسا:
"ماذا؟!....ألم تصدقيني الى الآن؟!...أرجوك إفهمي ما أقوله.....أنا لا
أخادع أو أمزح...أنا أريد أن أتزوجك الآن وفورا.....وأتمنى لو تقولي نعم"
وقدم لها الخاتم وهو راكع الى جانبها وظلت تحدق به....كان أوسم من أي مرة
رأته فيها في حياتها وطال صمتها والريح تداعب خصلات شعره بحيث انسدلت على
جبهته فأيقتنت تلك اللحظة أنها لن تعشق في حياتها أي كائن كما تعشقه
وايقنت أن سر ألمها القاتل ليس لأنه خدعها بل لأنها تخيلت أن علاقتها به
ستنتهي هكذا وأنه سيكون من نصيب امرأة أخرى غيرها فشعرت أن قلبها سيتوقف
عن الخفقان وايقنت أنها كانت تتمنى هذة اللحظة منذ أن رأته....أن يطلب
منها ان تكون زوجته فابتسمت وهي تراه يتصبب عرقا منتظرا ردها ثم قالت :
"كيف عرفت مقاس إصبعي؟!..."
"هذا لا يهم.......هل انت موافقة أم لا؟!.."
فرفعت أصابعها تنظم خصلات شعره وقالت :
"انت الذي لا تثق بي الآن ولا تثق بقلبي وبما أحمله لك فيه...انت الذي تتشكك بي الآن......من المستحيل أن يكون جوابي هو لا..."
"أرجوك قوليها......قولي نعم..."
"نعم..!!!!!"
فعانقها بقوة....بقوة لدرجة أنها شعرت أنها ستختنق...كانت سعادته لا توصف وسمعت قلبه يدق بسرعة رهيبة يكاد يسابق قلبها ثم قال :
"الآن أنا رجل جديد....أشعر بروحي ترفرف في السماء....ستكونين زوجتي....لن أصدق حتى أضيف اسم عائلتي الى أسمك.."
فابتعدت عنه قليلا وقالت بجدية :
"ولكن يا حبيبي الحياة ليست وردية كما تتخيل.....ولا اظن أننا إذا تزوجنا
سنعيش سعيدين كما نتصور وينسى كل من حولنا من نكون ويباركان زواجنا فلابد
أن تقوم حرب لا طائل لها.."
"أعرف كل هذا وسلاحي هو حبي......لن أخسر هذة المعركة ولن أتخلى عنك ولو
فارقت روحي جسدي أنت الآن جزء مني.....مسئوليتي...انت إمرأتي....ولن أسمح
لمخلوق أن يمسك وسوف أفعل كل ما يتطلب الأمر لنعيش حياتنا بسعادة وليتقبل
الجميع قراري وليعيش أولادنا سعداء هانئين ولكن قبل كل هذا.....فلتفعلي ما
سأطلبه منك....انستطيع أن ننفذ كل ما في رأسي وإذا فعلت....فأنا واثق أننا
سننجح"
"ماهو؟!......"
"فلنتزوج...الآن......رسميا و دون استشارة من أحد ونعود لنضعهم أمام الأمر
الواقع بحيث لا يستطيع أن يفرقنا احد ولن يفلح أبي مهما فعل في تفريقنا
فأنت ستكونين زوجتي أمام القانون سواء أعجبه ذلك أم لا..."
"ولكن.....هذا سيجعل السيد (فرناندو) يغضب غضبا فظيعا......وقد يقوم بطردك وحرمانك من رؤيته مدى الحياة...."
"أني المالك الرسمي لممتلكات العائلة فلقد بلغت سن الخامسة والعشرين كما
أنني أدير كل املاك والدي حاليا وأصبح كل رجال الأعمال في السوق يعرفونني
ولا يثقون إلا بي....لن يكون ترك كل هذا سهلا على والدي سوف يفكر في الأمر
بعقل فهو يعشق المال أكثر بكثير من أن يفكر شخص زوجة أبنه وقد ينسى ذلك
نهائيا...."
فشعرت (أنجليتا) بالريبة من توقعات (الفريدو) وهي تستحضر في ذاكرتها ذكرى
اليوم الذي قابلت فيه السيد (فرناندو) وشعرت أنه قد يسحقها إذا علم بهذا
ولكن (الفريدو) يعرفه أكثر منها وقد يكون محقا ثم قالت :
"وماذا عن أبي؟!....أرجوك لا أستطيع أن أتزوج دون أخباره....أنه أبي وهو أقرب الناس لي"
فقال بحنان : "أدرك ذلك يا عزيزتي وإن كان هذا يرضيك فسوف نعلمه
بهذا.....ثم نتزوج في القرية ونقيم إحتفالا قصيرا هناك قبل عيد ميلادك
بليلة.....و قد نقيم في أحد البيوت هناك ليومين أو ثلاثة بعيدا عن العالم
لنعيش أيام شهر عسلنا ثم أعود لأخبر أبي وأقدمك له على أنك
زوجتي......ماذا؟!......هل تشعرين بالتردد؟!..."
"لا ولكن......ماذا عن الشهود؟!....ألن يكون هناك شهود على زواجنا؟!....."
"سيكونون من رجال القرية...ويمكن أن نفكر في (اندريه) ليكون شاهد على
زواجنا ولو أني لم أفكر في أخباره ولكن هذا لا يهم فهو الى جانبنا على أية
حال والآن لنبقي هذة العشرة أيام قبل عيد ميلادك هادئين وعاقلين حتى ينفذ
كل شئ كما نتمنى.....وأتركي لي أخبار والدك.."
كان اخبار السيد (خوسيه) برغبة (الفريدو) و(أنجليتا) بالزواج أمرا في غاية
الصعوبة لذلك اتفق (الفريدو) و (أنجليتا) على أن أفضل شخص لهذة المهمة هو
السيدة (سوزي) فهي تحبهما معا وتستطيع إقناع السيد (خوسيه) وقد تستطيع
إقناعه بالجزء الأصعب وهو زواجهما دون علم أهل (الفريدو) ولكن الذي لم
يتوقعانه أن إقناع السيدة (سوزي) نفسها كان صعبا فرأيها كان انهما يتحديان
السيد الكبير وقد تكون تلك نهايتهما ولكن لم تكن لتصمد أمام توسلاتها
وإلحاحهما فذهبت الى (خوسيه) وجلست معه قائلة أن لديهما أمر مهم حتى سمعا
صوت السيد (خوسيه) يقول :
"لابد انك تمزحين.....لاشك أنها مزحة.....لا يمكن ان تكوني جادة.."
فنظرا إلى بعضهما البعض بقلق وقالت (أنجليتا) :
"كنت أعرف أنه لن يوافق مطلقا"
فرد (الفريدو) :
"لا لا تقولى هذا....لابد وأن تقنعه السيدة (سوزي) لن يكون هناك من يمنعنا
من الزواج مهما كانت سلطته وسأقول لك شيئا وأرجو أن تكوني معي.....حتى لو
رفض والدك فسوف نتزوج فإن ما نفعله هو إعلامه ليس إلا وليس أخذ
رأيه....كما أني...."
ثم سمع صوت (خوسيه) يقول :
"ليستمتع معها قليلا ثم يتركها للذئاب ليلتهموها؟!.....يتركها مع أفراد أسرته يتقاذفونها ما بينهم؟!.....لن أسمح بهذا...."
فدخل (الفريدو) مندفعا وقال :
"لا يا سيد (خوسيه).....لم ولن يخلق من يستطيع أن يؤذي (أنجليتا) وأنا
حي......إذا كانت في حمايتك في الوقت الحالي فكن واثقا أن حمايتي لها
ستكون أضعافا عندما نتزوج..."
"أسمع يا سيد (الفريدو) ....ما من سبب منطقي يجعل رجل نبيل مثلك يختار
ابنتي لتكون زوجة له مدى الحياة.....حتى لو كنت تحبها الآن....سيأتي اليوم
الذي ستخجل فيه أن تواجه المجتمع معها فكل ما ستفعله حينها أن تلقي بها في
الشارع وتختار لك ما تناسبك من طبقتك"
فتدخلت السيدة (سوزي) بقوة وقالت :
"لا يا (خوسيه)....لا تقل هذا على ابني (الفريدو)....نعم أناديه ابني
وأعتبره منذ ولد كذلك وهو يعتبرني أمه ولم يفكر حينها إذا كنت أقل منه
شأنا إن المشاعر الإنسانية لا تعترف بالفروق وليس لأنه من عائلة نبيلة
فهذا يعني أنه من المستحيل أن يحب (أنجليتا) كما ان أبنتك نبيلة القلب وإن
لم يكن أصلها كذلك كما أن النبل صفة وليست ألقاب تورث.....لقد شهدت حب
هذين الإثنين لبعضهما وأعرف كل منهما حق المعرفة وأؤكد لك ان كل منهما خلق
ليكمل الآخر وأنه لن يكون في هذا العالم رجل وامرأة يغرمان ببعضهما البعض
كما فعلا....أرجوك يا (خوسيه) .....أنت تفهم ما اقول"
فقال بضعف :
"إذا كنت ستحميها يا (الفريدو) كما تقول فلما قررت أن تتزوجها دون علم
أهلك؟!.....هل تريد أن تكون زوجتك في السر؟!.....هذا يؤكد كلامي الأول...."
"لا يا سيدي مطلقا.....إن تلك خطة.....فلو قلت لوالدي فربما أرسل جيشا
ليمنع عيني من أن تقع عليها مجددا ولكن إذا تزوجتها رسميا فلن تستطيع جيوش
العالم أجمعين التفريق بيننا حتى يفرقنا الموت.....أتوسل إليك يا سيد
(خوسيه)......أرجوك بارك زواجنا...."
فأعطى ظهره لهم وهو يقول :
"لا......لا يمكن.....إنها ابنتي الوحيدة......إنها خطوة خطرة
للغاية.....ليست تلك الحياة التي تمنيتها لأبنتي.....لا أريد للمخاطر أن
تسير بطريقها.....لا أريد أن أرى دمعة تشق طريقها على خدها وبزواجها
منك......فلن تفارق الدموع مقلتيها....لن أقبل هذة الزيجة.....!!"
وهنا نطقت (أنجليتا) لأول مرة وقالت :
"يا أبتي أدرك قلقك على.....وأدرك ما تحس به......وأدرك ما في إرتباطنا من
جنون......ولكن أنا.....إني أحبه......كما أحببت أمي تماما......أردكت
الآن الأحاسيس التي كانت تساروك والتي حكيت لي طويلا عنها كما أدرك عذابك
القاتل بفراقك عنها وأتألم لأجلك......والآن.....والآن.....لا تفرقني عن
(الفريدو)....فأحس بأضعاف ألمك.......فأمي ماتت ولن يفيد عذابك في
رجوعها.....أما أنا..... فيكون حيا.......يتنفس الهواء الذي أتنفسه حتى لو
حالت بيننا مئات الأميال فأصرخ ممزقة بألم فراقه......فهل ترضى لي
هذا؟!....لم يعد بإمكان أحدنا أن يفترق عن الآخر....لقد أدرك كلانا
هذا......أرجوك يا والدي..."
فالتفت لها بدهشة مشوبة بالأسى وقال :
"حتى أنت يا (أنجليتا)؟!......إذا كانت هذة مشيئتك......إفعلا ما يحلو
لكما.....لكن لا تفكرا في بعد الآن......والآن أرجوكما أتركاني وحدي...."
فأخرجتهما (سوزي) وقال :
"لا تقلقا سأستمر بمحاولة إقناعه حتى يوم زفافكما........... والآن عليكما أن تستعدا جيدا فلم يبقى سوى أسبوع..!!!!"
نتااااااااابع كمان طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
drawGradient()
وفعلا بدأت الترتيبات في القرية بين عائلة (نيلا)
صديقة (أنجليتا) والعائلات التي تجاورهم على أن يبقى هذا سرا بينهما ولا
يعلنا عن أسم العروسان وقامت نيلا بخياطة ثوب عرس (أنجليتا) بنفسها وطلب
العروسان أن يكون الإحتفال صغيرا وقصيرا وقررا أن يتزوجا رسميا قبل الحفل
بليلة واحدة حتى يكون كل شئ معد وحتى لا يستطيع أحد إن عرف أن يوقفهما
وأخبر (الفريدو) صديقه بموعد الزفاف فقال : "يا إلهي.....إذا ستتزوجان
هكذا.....لا بد وأن يجن جنون السيد (فرناندو)......لطالما كنت متهورا يا
(الفريدو)......تسعى لهدفك مسابقا الريح دون ان تنظر الى ما تدمره في
طريقك......ولكني أعذرك فلو كنت مكانك......"
وسكت فجأة وبعد دقيقة أكمل ما أراد قوله :
"لكنت غرقت في حبها أنا الآخر..!!!!!"
"أعلم ذلك......وسعيد لأنك تحس بي......أرجوك أريدك ألا تخبر أحدا مطلقا
بما سمعته....كذلك أتيت لأطلب منك أن تكون شاهدا على زفافنا.....فهل ستفعل
ذلك...."
"هذا مؤكد دون شك فإذا لم أحضر زفاف أعز صديق لي فلم سأحضر.....سأكون عندك
قبل الزفاف بيوم في مكتب التسجيل لأكون شاهدا وسأكون في الزفاف في اليوم
التالي...كما سأغطي غيابنا معا وأقول أننا في عملية تجارية سويا في
ميلانو....."
"هذا رائع.....كم هو جميل أن يكون لدى المرء شخص يؤازره في المواقف الصعبة....لن أنسى ما فعلته لأجلي يا (اندريه) ..."
"أنا الذي لن أنسى ما فعلته لأجلي لقد انقذت حياتي حين كنا صغارا وأنقذت
حياتي عروسك (أنجليتا).....والآن أصبحت مدينا لكما بحياتي وسأظل اذكر ذلك
دائما....."
وبعد أن رحل (الفريدو) جلس (اندريه) على كرسي مكتبه لمدة ساعتين بلا حراك
يفكر فيما سيحصل ولم يستطع أن يفسر سبب ظهور صورة وجه (أنجليتا) باستمرار
أمام عينيه و كأنها حفرت في ذاكرته ولا يكف عقله عن استدعاء تلك الصورة
لتزور عينيه كل لحظة وظلت جملته التي قالها (لالفريدو) "لكنت غرقت في حبها
أنا الآخر" ترن في أذنه.....لقد قابلها بضع مرات بعد أن أنقذته.......كان
يندهش من جمالها الأخاذ الذي كان مختلفا عن جمال معظم الفتيات اللاتي
قابلهن ثم فجأة شعر أنه يقترف غلطة شنعاء فها هو يفكر في عروس صديقه
الحميم الذي جلس لأشهر يحاول أن يبعده عنها وتذكر الألم الذي سببه حبه
الذي من طرف واحد تجاه (سيسل) وشعر أنه فعلا غبي ومجنون لأنه يقع في الخطأ
مرتين وبكامل إرادته وقرر أن أفضل شئ هو أن يفكر في أعماله فقط...........
لم يستطع (الفريدو) و (أنجليتا) رؤية بعضهما البعض في ذلك الأسبوع جيدا
لأن كل منهما كان مشغولا بتجهيزات الزفاف وكان فستان العرس فاتنا أبيض
مطرز تطريزا نباتيا يشكل ورودا من خيوط ذهبية كانت تشبه أزهار الكلوديا
فقررت (أنجليتا) أن تحمل باقة من زهور الكلوديا في يدها في العرس فلطالما
كانت تلك زهورها المفضلة وهي بشكل ما ترمز لما بين جنبات قلبها من حب
ناحية (الفريدو) كما كانت تماثل لون خصلات شعره وبينما هي تضبط بعض قياسات
الثوب وقياس خصره مع (نيلا) حتى دخل (الفريدو) وقال :
"يبدو أن كل شئ على أهبة الإستعداد ......"
فصرخت (أنجليتا) ورمت نفسها عليه وقالت :
"لا......لا يمكنك الدخول هنا......كما لا يمكنك رؤية الثوب قبل الحفل......هيا أخرج.....أنه فأل سئ..."
"حاضر......حاضر سأخرج.....أقسم أني لم أرى شيئا......أريد أن أقول لك شيئا هاما أرجوك"
وخرجا معا ثم التفت (الفريدو) لها وقال :
"غدا سآخذك عند الظهيرة إلى مكتب التسجيل وسيكون (اندريه) وبعض الرجال
موجودين هناك ليشهدوا زواجنا.....وحينها ستكون أنا وأنت زوجان و
للأبد.....سآتي لأخذ من بيت (نيلا) فأرجو أن تبيتي الليلة عندها...."
فرقت نظراتها وقالت :
"أكيد يا حبيبي.....لا تقلق....كل شئ سيسير كما نحب...."
"هناك شئ آخر....!!!!"
ثم خلع (الفريدو) قلادته.......قلادة الحوتان العاشقان وقال :
"هذة قلادة أمي.....لقد قالت لي أن ألبسها للمرأة التي ستكون
زوجتي......كنت سأعطيها لك غدا......ولكني لا استطيع الإنتظار أريد أن
أصدق أنك زوجتي فعلا.....والآن....."
ثم ألبسها أياها فشعرت بنشوى رائعة لم تشعر بها في حياتها من قبل حتى أنها
نفسها لم تكن مصدقة في داخلها مما يحصل ولكن عندما لبست تلك القلادة شعرت
بالحب يجتاح قلبها وشعرت بروح السيدة (آنا) ونظراتها الفاتنة تراقبها
وتقول :
"فلتحفظي ابني ولتحميه بحبك و تسكنيه قلبك..."
ثم نظرت (لألفريدو) الذي كان يحدق بها بحب ورأت فيه زوجها الذي لطالما
تمنته وغطت خصلة من شعره جبهته فرفعت إصبعها بعشق ورقة لتنظم خصلات شعره
وتقول :
"أنها أروع هدية يمكن أن تعطيها لي إن فيها يعيش قلبك وقلبي وحبنا و روح والدتك الغالية ولسوف احميها بعمري....."
فأمسك بكلتا يديها وقبلها راحتيها وتواعدا على لقاء الغد وكانت تلك أصعب
ليلة في عمرهما كله فلم يستطع أي منهما النوم كلاهما يحدق في الظلام
نافذته الى القمر الفضي يسأله المساندة ويسأل إلهه الرأفة وتهوين
الصعاب....
لكن كان هناك شخص ثالث يشاركهما أرقهما كانت تلك (فلوريا)......فلقد كانت
تعلم أن زفافهما بعد غد وظلت تذرع الغرفة ذهابا وإيابا ودموعها تسيل على
خدها لكن دون شهقات ودون بكاء حقيقي فلقد كانت عيناها جاحظتان......كانت
تفكر وتتخيل وتتلوى ألما وكانت أمها السيدة (ساندرا) تراقبها في الأيام
الماضية وهي تشعر أن وراء صمتها كارثة ستحل ولكن لم يكن ليخطر ببالها أن
(الفريدو) سيتزوج من غير ابنتها ولكنها سارت ليلا وسمعت خطوات ابنتها
القلقة في غرفتها فدخلت عليها وصعقها منظرها الذي كان يشبه الأشباح وحاولت
أن تعرف ما أصابها فعاملتها برقة غير معهودة وظلت تحاول إلانة إرادتها حتى
أجلستها الى جانبها على السرير وظلت تمسح على شعرها وتتوسل لها أن تقول ما
بداخلها فاختنقت الكلمات في حلق (فلوريا) وشعرت ان دفاعاتها تنهار فلقد
كانت الأيام السابقة لها بمثابة الجحيم على الأرض وهي تخفي كارثة كهذة في
قلبها ولا تستطيع مشاركة أحد القلق الذي يقتلها والحزن الذي يمزقها
فانفجرت باكية وارتمت على ركبتي أمها تصرخ وتولول وتقول :
"آه يا أمي......يا أمي....إني أموت.....أحتضر ببطء كوردة قطفت وتركت بلا
جذور لتأخذ وقتها حتى تذبل أوراقها.......وتشاهد هي أوراقها تتساقط
وتتجعد.....يا أمي.....فليرحمني الألم ولو للحظة.....فليرفق بي الحزن
ولتخمد نيران قلبي........ لم أعد أتحمل....."
فشعرت (ساندرا) أن كارثة ستحل بهذا البيت وقالت وهي تمسك بكتفي ابنتها بقوة :
"أفصحي.....ماذا حصل؟!....تكلمي!!!....أنطقي!!!.....قولي..!!!"
فردت : " (الفريدو) ...... (الفريدو)......لقد.....تزوج..."
فكادت (ساندرا) تفقد وعيها ذهولا ودفعت ابنتها أرضا بحنق وقالت :
"ما هذا الجنون الذي تنطقين به؟!...متى وأين وكيف؟!....."
"لقد تزوج (الفريدو) من فتاة غيري.....قال أنه سيتزوجها رسميا قبل الزفاف
بأيام...وزفافه بعد غد.....فلابد أن تكون تزوجته الآن رسميا....."
فصرخت الأم وظلت تهز ابنتها بعنف وتقول :
"أتقولين قال لك؟!......كنت تعلمين ولم توقفيه؟!.....هل جننت؟!....هذة هي
نتيجة استهتارك وتقاعسك ولكن لا.....يا إلهي.....لا يمكن أن يحدث هذا
لي....من هي؟!....من هي تلك العروس الشمطاء؟!....."
"إنها......إنها خادمة الإسطبل ......!!!!"
فتجمدت ثورة الأم لأن تلك الصدمة كانت أعمق من أن تستوعبها وبعد لحظات ظلت
تضحك وتضحك بسخرية حتى تعالت ضحكاتها و(فلوريا) تحدق بها بذهول حتى كفت عن
البكاء فقالت الأم :
"هكذا إذن .....هذا هو ابن آل (فان دييجو)......أنه يذكرني بأمه
(آنا)....فهذا عقلها..... عقلها المجنون الذي لا يعيش في العالم الذي
يحتويه....بل ينتمي لعالم آخر.....عالم المجانين الوردي الجميل.....لكن
لا....يظن نفسه ذكيا..... ولكني أعرف ما سيحصل نتيجة لهذا الزواج وعلي أن
أتدخل.....لأصحح بعض النتائج لتكون في صالحنا....فأنا لن أفقد الأمل
أبدا.....ولكن علينا الآن أن نبدأ الحرب الباردة...."
ورحلت (ساندرا) تاركة (فلوريا) في ذهول يفوق وحزنها اللذان أستوليا عليها قبل مجئ أمها!
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
فسكت قليلا وقال :
"الواقع يا أمي (الفريدو) لم يأتي معي قط الى هذة العملية.....لقد قلت هذا لأني اتفقت معه على ذلك......!!"
فقالت أمه غير مصدقة :
"لكن لماذا ؟!....هل كان يحاول الهرب من العمل؟!.....لابد أن والده يثقل عليه بشدة...."
"لقد تزوج يا أمي..!!!!.........في القرية منذ ثلاثة أيام.....وكنت شاهدا
على قرانه.....أعلم انك مذهولة فهو لم يرد لأحد أن يعلم واليوم بالذات
سيعلن زواجه من (أنجليتا خوسيه) وسيخبر أباه..........كم تمنيت لو أكون
هناك الى جانبه....ترى كيف تسير أموره الآن...."
"يا إلهي......لابد أن السيد (فرناندو) سيثور غضبا ولكن.....قلت لي (أنجليتا خوسيه) ؟!...من أي عائلة هي؟!... لم أسمع بها....."
"إنها.....من عائلة متواضعة يا أمي لهذا تزوجها (الفريدو) دون استشارة
أحد.....لكنها امرأة رائعة ومثالية......صدقيني يا أمي أتمنى أن تبقى قوية
بعد معرفة السيد (فرناندو) بأمرهما"
وبقيت امه تحدق به باندهاش فهو لم يمتدح امرأة من قبل بهذة القوة ولا حتى
(سيسل) التي كان ينوي الزواج بها وشعرت أن هناك الكثير من الأمور الخفية
عليها....
كانت (سيسل) تشعر كل صباح أن أيامها متشابهة فلم يعد هناك سبب يدفعها لحب
الحياة كانت تصحو كل يوم وتفتح نافذتها لتلقي نظرة ساخرة على العالم الذي
سلبها كل ما تملك وتستعد لتعايش أحداث يومها التي تتكرر يوميا ولكن هذا
الصباح شعرت أنها أكثر تكدرا من أي صباح كما كان الجو خانقا فتمنت لو أنها
لم تصحو وقالت بصوت مسموع :
"يا إلهي لماذا صحوت من فراشي لأقابل كل هذا الإحباط...."
ونزلت وتناولت إفطارها واندهشت لأن (الفريدو) ولم يعد بعد فلقد قال
(اندريه) أنه سيعود اليوم صباحا وكانت مارة بجانب مكتب والدها فسمعته يأمر
(لوسيانو) بعض الأوامر المعتادة كأن يجهزوا غرفة (الفريدو) والى ما هنالك
فدخلت وجلست بجانب مكتبه وما إن رحل (لوسيانو) حتى وقف الأب (فرناندو)
واتجه الى النافذة وظل يسألها الأسئلة المعتادة الجوفاء عن صحتها ودراستها
وغيرها وكانت ترد هي أيضا ردود ساهمة ثم قالت :
"صحيح يا أبي لما تأخر (الفريدو) هكذا؟!.....هل عاد (اندريه) ؟!......"
"نعم عاد.....!!!"
"إذن لابد أن (الفريدو) يقضي بعض الوقت معه فهو عادة يفعل هذا.."
فقال الأب بلهجة غريبة :
"أو ربما يحاول تأخير المواجهة قدر الإمكان........"
فلم تفهم شيئا مما قصده والدها وفي تلك اللحظة بالذات سمعت طرقا على الباب
وفتح الباب وظهر (الفريدو)......ففرحت (سيسل) ونهضت لمعانقته وما إن فعلت
ذلك حتى لاحظت (أنجليتا) التي تقف خلفه ببضع خطوات فنظرت إليها بدهشة
ونظرت لأخيها الذي بدا جادا أكثر من أي مرة رأته فيها في حياتها وقالت
تحدث (أنجليتا) :
"ماذا تفعلين انت هنا؟!......هيا أذهبي لعملك...."
فأمسك (الفريدو) يد (أنجليتا) وأدخلها معه فتراجعت (سيسل) بطريقة دفاعية
وهي تحاول أن تفهم ما يجري كل هذا والسيد (فرناندو) يعطي ظهره للباب حتى
قال (الفريدو) أخيرا :
"أبي.... (سيسل).....أعلم أن ما سأقوله قاسي عليكما ولكن أرجوكما أن تتفهما موقفي......أقدم لكما (أنجليتا).....زوجتي..!!!!"
فشهت (سيسل) ولم يتحرك السيد (فرناندو) مطلقا فاستمرت (سيسل) قائلة :
"ما هذا الهراء الذي تقوله يا (الفريدو) ؟!.....كيف؟!....متى؟!....هل تزوجتها فعلا؟!...."
وبنظرة واحدة من وجهه علمت أنه لم يكن جادا في حياته مثل اليوم فكانت
الصدمة تقضي عليها ونظرت لوالدها لترى ما سيفعله ولكنه لم يتحرك فاستمر
(الفريدو) :
"أبي.....إن (أنجليتا) امرأة رائعة....لقد تعرفت عليها ووجدت فيها المرأة
التي كنت أبحث عنها كنت أعلم أنك ستستاء بشدة لو طلبت إليك هذا ثم اني لم
أكن أميل (لفلوريا) مطلقا....وأريد أن أقول يا أبي أن الزواج هو شئ يختار
فيه المرء شريك حياته بنفسه وهذا ما فعلته....وأنا آسف إذا كنت عصيت
أمرك.....وأرجو أن تتفهم موقفي......"
وضغط (الفريدو) بقبضته على يد (أنجليتا) وكأنه يستمد منها القوة فالتفت
السيد (فرناندو) ببطء ونظر الى ابنه وزوجته.....كان وجهه مجردا من أي
إحساس وكأنه استحال حجرا وتقدم منهما ببطء حتى وقف أمام (الفريدو) تماما
ونظر بازدراء الى (أنجليتا) التى انكمشت خلف ظهر زوجها ثم وبسرعة البرق
نزلت يد السيد (فرناندو) على وجه ابنه بصفعة كانت كافية لكسر فكه حتى
تناثر شعر (الفريدو) وتشعث وترنح في وقفته فصرخت المرأتان في
الغرفة....الأولى جرت لتمنع والدها من المزيد والثانية لتسند زوجها وهي
تقول بذعر :
" (الفريدو)..(الفريدو) "
لكن (الفريدو) استقام من جديد ونظر لأبيه بتحد وكأنه على استعداد لتلقي المزيد فقال (فرناندو) بصوت جوهري :
"خسئت أيها الفتى الطائش.....أهذة هي من أخترتها لنفسك؟!.....يالبئس
الإختيار.....ياللعار....أهذا ما استفدته منك؟!.....ألهذا أنجبتك
(آنا)؟!......لتجلب لي العار ولأسرتي......التي لم يجرؤ أحد فيها على أن
يقول كلمة قد تجعل احدا يتكلم عن الأسرة بسوء وتأتي أنت.....ايها الطفل
لتدمر أجيالا من الشرف والكرامة....لأجل ماذا...لأجل خادمة؟!.... وماذا
تنتظر مني ؟!......تنتظر مني ان أهنئك وأقيم لك إحتفالا؟!...."
فنظر اليه (الفريدو) بعينين مصقولتين وقال ببرود :
"يمكنك أن تقول ما يحلو لك يا أبي ويمكنك أن تثور وتغضب وتحطم
وتدمر.....كما يمكنك أن تزدريني وتهينني.....ولكني لن أسمح أن تهين
زوجتي......أجل هي زوجتي.....وهذة هي الحقيقة الوحيدة التي لن تستطيع
تغييرها مهما بلغت سلطتك....."
فهم الأب بتوجيه صفعة أخرى له لولا أن أمسكت (سيسل) بذراعه بكل قوتها وصرخت :
"لا يا أبي أرجوك.....إنك لم تضرب أحدنا في حياتك....أرجوك.....وانت يا (الفريدو)....إذهب الآن .....إذهب بسرعة...هيا...."
فقامت (أنجليتا) بشده بقوة لتخرجه من الغرفة وتبعها (الفريدو) وهو يضع يده
بحركة غريزيه على خده الذي توهج من شدة الألم وقادها الى غرفته جلست معه
على سريره وفتحت فمه لترى الأضرار فآلمه فكه ووجدت بعض الدماء تسيل من
جوفه الداخلي فظلت تهتم به وقال هو :
"هذا هو أبي.....لو تغير العالم كله فلن يتغير هو.....التقاليد , الإنضباط
, الشرف ماهو الشرف عندما يجعل أقدس رابطة بين رجل وامرأة تتخذ طابعا
تجاريا بحت لأجل اسم العائلها وما لها.. أني أشفق على أمي المسكينة التي
ماتت محطمة القلب عندما علمت أن والدي تزوجها لأجل رغبة والده واسم أسرتها
ومالها وليس لحبه لها.....لابد أن هذا كان كافيا لقتلها.....لن أسامحه
لأنه فعل هذا بأمي....كما لن أعطه الفرصة ليدمر سعادتي أنا الآخر..."
"لا تتكلم حتى لا يؤلمك فمك......لما عليك دائما أن تتحداه وتعصي
أوامره....لما لا تعامله برقة وتطلب منه بلطف فأنا واثقة أن نتيجة هذا
ستكون أفضل......إن السيد (فرناندو) رجل قاسي ولكنه ليس مجردا من
الإحساس.....إنه بشر في النهاية.....وتحديك له يزيد من حنقه وعصبيته"
"هل تظنين أن أبي قد يوافق إذا قلت له يا أحلى أب في الدنيا وقبلت جبينه
كما تفعلين مع والدك؟!......أن هذا يناسب والدك لأنه رجل حنون قلبه مليئ
بالحب فأصعب شئ أن يرفض طلبا لك حتى لو كان ضد رغبته أما أبي أنا.....فمن
يظهر ضعفا إنسانيا أمامه يزيد من رغبته في سحقه....كم تمنيت لو أن لي أبا
مثل والدك...."
"هو والدك الآن عزيزي.....فلترتاح الآن.....ولتذهب لتصالح والدك فيما بعد..."
نتاااااابع الفصل [blink]السابع[/blink] ياحلووووين طيب
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
"أتذكرك؟!...أنا لم أفكر إلا فيك......أعني أن
(الفريدو) طلب الي أن أقابلك بما أنه لن يعود قبل بعد غد ويقول لك ألا
تقلقي عليه فبمجرد أن ينهي أعماله هناك سيعود مباشرة...."
"أشكرك كثيرا يا (اندريه).......أتمنى لو يعود بسرعة.....اني أشعر بوحدة هنا.....شديدة"
فمرر (اندريه) أصابعه في شعره وقال بارتباك :
"ليس لك أن تشعري بأي وحدة وأنا موجود......أستطيع أن آتي لزيارتك وقت ما
أردت فأنا عندما أنهي أعمالي في البلدة أبقى متفرغا حتى المرة
التالية.....آه على فكرة لقد أحضرت لك هذا....!!"
وأعطاها كتابا في يده فوجدته رواية رومانسية شهيرة وشيقة وقال :
"أفضل صديق في أوقات الفراغ.....إقرأيه كلما وجدت نفسك وحيدة......لقد
أحضرته لك من مكتبتي الخاصة....كما يمكنك أن تأتي لتأخذي منها الكتب التي
تريدينها.....كان (الفريدو) يفعل هذا دوما معي.."
فشعرت (أنجليتا) بسعادة رهيبة ولم تعرف كيف تشكره لم تعرف كيف يمكن ان
يكون حساسا الى هذا الحد فلقد أحضر لها ما تحتاجه تماما ولم تستطع ان تقول
شيئا لكن عيناها أشعتا إمتنانا وشكرا وقابلتها عينا (اندريه) الحنونة ثم
قال :
"إياك أن تعتبري نفسك وحيدة......لا أعرف كيف تعتبريني ولكن أتمنى أن
تعتبريني صديقا......صديقا مخلصا دائما الى جانبك في أي وقت تحتاجينه أنا
لا أفعل هذا لأجل (الفريدو) .....فهذة رغبتي الخاصة...."
فابتسمت وصافحت يده برقة وقالت :
"انت أكثر من كونك صديقا يا (اندريه) ولن أجد شيئا أعبر به عن شكري لك......واتمنى أن تأتي لزيارتي كلما سنحت لك الفرصة....."
وبعد رحيله عادت (أنجليتا) مبتهجة جدا لغرفتها بينما كان (اندريه) في غاية
السرور لأنه استطاع إدخال شئ من السلوى الى قلبها فلقد كان هذا كل
أمله......
كانت (أنجليتا) تظن أنه بمجرد عودة (الفريدو) ستحل مشاكلها ولكنها كانت قد
بدأت للتو فلقد كانت الأيام الثلاثة التالية هي أسوء أيام حياتها على
الإطلاق فلسبب ما انشغل (الفريدو) في الأعمال التي وكلها أباه اليه بشكل
مستمر وكان هو الآخر لا يستطيع أن يرفض إمعانا منه في طلب رضا والده
وانتشر أمرها بسرعة رهيبة حتى وصل للأسر النبيلة في ميلانو وكل معارف أسرة
(فان دييجو) كانت فعلا حديث المدينة.....مما زاد الأمر سوءا هو التجاهل
التام الذي يعاملها به السيد (فرناندو) وكأنها ما تزال خادمة لديه ولم تكن
(سيسل) أفضل حالا فلقد كانت تصر على إذلالها وأهانتها بالكلام ذو المعنى
المزدوج......كانت (سيسل) مكتئبة وحانقة على حياتها لأقصى حد فقررت أن
تخرج كل ما تشعر به في وجه (أنجليتا) ولم يكفهم ذلك بل قام السيد
(فرناندو) بتصرف أكثر إذلالا مما سبق فلقد أصر على بقاء والدها (خوسيه) في
عمله وكانت تلك كارثة أثارت (الفريدو) بشدة وحاول جاهدا مع والده أن لا
يجعل حماه يعمل في الإسطبل فكان رده :
"ولما؟!....هذا عمله إنه لم يفعل خطأ حتى أصرفه من عمله.....إذا كنت خجلا فهذا خطأك وحدك.....لم يخبرك أحد أن تتزوج ابنة سائس...."
وكانت تلك كلمات كافية لإغلاق فمه ولم تعد (أنجليتا) تتحمل إهانتهم برابطة
جأش مثل السابق فشيئا فشيئا بدأت تكتئب بشدة وتشعر بالمهانة والذل والوحدة
أينما ذهبت فلقد كان (الفريدو) يغيب عنها طويلا وبمجرد عودته يحاول الجميع
تجنبها فلقد كانوا يهينونها في عدم وجوده وفي أثناء وجوده يكتفون بتوجيه
كلام لاذع ذات مغزى ومما أثارها حقا أنه إذا أتى أحد من أفراد الأسر
النبيلة لزيارتهم في القصر فإنهم يعاملوها بإزدراء قاسي وكأنها حثالة لا
تستحق النظر إليها فكانت تكتفي بالذهاب الى غرفتها والبكاء ذلا ومهانة لكن
أكثر ما آلمها هو مرض والدها الذي بدأ يظهر واضحا ويزداد وهي لا تعلم
السبب كما حزنت لأن والدها يخفيه عنها حتى لا يزيد من حزنها أضعافا فشعرت
أن جميع الأبواب مغلقة في وجهها ولكن عندما أتى (الفريدو) من سفره تظاهرت
بأن شيئا لم يكن وأخفت حزنها وقلقها عنه كالعادة ثم قال لها :
"سأضطر للسفر مجددا بعد غد..."
فاستدارت بعيدا عنه لتخفي دموعها فقال :
"أعلم أنه أمر فظيع بالنسبة لك....ولي أيضا ولكني سأحاول أن أقيم تقييما
كاملا للمزانية حتى أرتاح لمدة أسبوعان وحينها أستطيع أن أبقى معك وقتا
أطول يا حبيبتي....كم تمنيت لو أكون معك في حفلة العائلات في نهاية هذا
الإسبوع......!!"
فقالت بحسرة :
"ماذا؟!...حفل آخر وأسر نبيلة؟!....سوف يفرحون بالسخرية مني من جديد....لا......لا يمكن أن أذهب للحفل...."
"لا يمكن ألا تنزلي لملاقتهم يا حبيبتي فالحفل في بيتنا وسيكون هذا تصرفا
غير لائق مطلقا.....لكن لا تقلقي (فاندريه) سيعود من ميلانو غدا وقد يحضر
الحفل وحينها لن تكوني وحيدة تماما....أليس كذلك؟!...."
وعانقها فظلت تمسك به بقوة وكأنها خائفة أن يسافر ولا يعود أن يتركها بلا
رجعة كم تمنت لو أنها تبقى بين ذراعيه هكذا دائما فلن يستطيع أحد أن يمسها
حينها لكنها استمدت منه القوة وقالت إنها يجب أن تكون أقوى وألا تستسلم
بهذة السهولة فهذا حبهما و زواجهما ولن تسمح لأناس حمقى كهؤلاء أن يغيروا
مشاعرها تجاه (الفريدو).....
وجاءت الحفلة وأرتدت (أنجليتا) ثوبا يليق بمركزها ونزلت و سألت (لوسيانو)
رئيس الخدم عن الضيوف فأخبرها عن الحاضرين الى الآن لكن (لوسيانو) دائما
كان يعاملها بشكل غريب فلقد كانت تحت امرته وبين ليلة وضحاها أصبحت سيدته
كان تشعر أحيانا أنه يزدريها ولكنها فكرت أنها ربما تتخيل فحسب ثم وصلت
الى المائدة حيث جلس افراد أسرة (فلاديمير) (فلوريا) و (ساندرا) أمها
وهاهي والدة (اندريه) السيدة (جابريلا ديميتريوس) وبعد أفراد العائلات
الأخرى الذين لا تعرفهم وكان من المؤسف أن (اندريه) لم يحضر حيث شعرت بعدم
الأمان وأنه ليس لها ظهر هنا فجلست بعد أن ألقت تحية عامة وجاءت (سيسل)
ووالدها ليحيوا الحضور وتجاهلوا كالعادة وجودها تماما وبدأ الجميع بالأكل
وعزف الموسيقيون موسيقى خفيفة.....كانت جميع أحاديثهم فارغة تحرق في سمعة
هذا وهذة فلم ترد ان تشاركهم وركزت مع الموسيقى وتخيلت أنها مع (الفريدو)
الآن تحدثه تداعب خصلات شعره وتتعمق في لون عينيه حتى ابتسمت لنفسها
فرأتها (سيسل) فشعرت بالحقد ثم نادتها لأول مرة في الحفل وقالت :
"آه (أنجليتا) ألم تسمعي السيدة(روزانا) وهي تشرح سبب تأخرها أنها تقول أن
خيول عربتها أثارت ضجة في الطريق وعجز السائق معها على التصرف أو تهدئة
الخيول.....على الأقل وجهي لها نصيحة بشأن ترويض هذة خيول....... "
فاندفعت الدماء في وجهها وسمعت الهمسات تنطلق في كل مكان فحدقت بكأسها وهي لا تعلم ماذا تقول فلم تكتفي (سيسل) بهذا بل قالت :
"ماذا ألا تريدين الإجابة؟!......إذن على الأقل اسئلي والدك.....ربما
يمكننا استدعاءه الآن.....أوه أظن أنه أنهى دوام عمله أليس كذلك؟!....يا
حسرتي..."
فقالت السيدة (روزانا) غير مصدقة :
"ماذا ؟!.....هل يعمل والدها في الأسطبل.....؟!...."
فضحكت (سيسل) بسخرية ونزلت دموع الحنق من عينا (أنجليتا) التي لم تدري ماذا تفعل حتى جاء صوت يقول :
"على الأقل يكسب ماله من عرق جبينه وليس مثل بعض الناس يتركون أعمالهم دائرة ويجلسون في بيوتهم بجانب المدفئة..."
فالتفت الجميع وكان هذا (اندريه) فقال بعد أن ركز عينيه على (أنجليتا) :
"أنا آسف وصلت متأخرا قليلا......أرجو ألا تكون قد فاتتني التحلية...."
وسحب كرسيا وجلس الى جانب (أنجليتا) التي ظلت تحدق به بسعادة وذهول فأعطاها منديله وقال بصوت خافت :
"لا يستحق أحدهم ذرة واحدة من دمعتك هيا أمسحيها وتجلدي ولا تعطيهم فرصة أبدا للنيل منك...."
فمسحتها بسعادة وقام بتحية أمه ومنذ ذلك الحين ولم يزعجها أحد بشئ
واستمروا في الأحاديث التي لا تنتهي ولكن تلك المرة لم تشعر بالوحدة فلقد
كان رفيقها مسليا يحكي لها عن مواقف طريف عن (الفريدو) وهو عندما كانا
صغيران وقال :
"في البداية كنا نضرب بعضنا طوال الوقت حتى جاء ولد من ابناء الخدم كان
ضخما للغاية وقام بضربي بقوة كان يساوي ضعف حجمي فجاء (الفريدو) وضربه فوق
رأسه واتحدنا لنهزم هذا العدو الجديد ومنذ ذلك الحين ونحن لم نضرب بعضنا
أبدا وقررنا توفير ضرباتنا لشخص غريب..."
فانفجرت (أنجليتا) ضاحكة كان مسليا أن تسمع عن صفات وتصرفات (الفريدو) وهو
صغير فلقد بدى لها شقيا للغاية لكن شجاعا وجاء وقت الرقص فلم يتجرأ أحد
على طلب مراقصتها ولكن (اندريه) لم يكن ليترك فرصة كهذة ودعاها
للرقص....كان يرقص بخفة ويدور بها برقة وقالت له :
"أتعلم؟! أن تجيد هذة الرقصة أكثر من (الفريدو) ......"
"آه لا تذكريني برقص (الفريدو)....كان علينا أن نحضر له مدرسا للرقص من
اقصى بلاد العالم ليستطيع تعليمه....أما هذة الرقصة فلقد علمتها له بنفسي
ولكني لم أتحمل الى أن يتقنها"
فضحكت ثم فكرت قليلا وقالت :
"غريب كلما تحدثنا معا.....تحدثنا عن (الفريدو)......لما يحدث هذا دائما؟!...."
"لأن (الفريدو) هو القاسم المشترك بيننا فهو أغلى انسان عندي بعد والدتي وهو على ما أعتقد أغلى انسان عندك بعد أباك....."
"نعم......قد يكون الذي جمعنا في البداية ولكنه ليس الشئ الوحيد الذي
يجمعنا......أشعر أن هناك الكثير من الصفات التي تجمعنا.....وكثير من
الأشياء التي نحبها.....كما ما أحمله لك في قلبي ليس لأجل
(الفريدو)......أنا فعلا أقدرك من كل قلبي يا (اندريه)...."
كانت هذة الجملة كافية لإرباكه بشدة فقال بعد أن أشاح بنظره بعيدا :
"وأنا أيضا أحمل لك في قلبي.....كل تقدير العالم.!!!"
وبعد أن انتهت الموسيقى أشارت أم (اندريه) الى ابنها وظلت تحدثه ثم جاء بعد قليل وقال :
"أرجو معذرتك يا (أنجليتا) إن أمي متعبة وسوف آخذها الى القصر
الآن.....كما أني جئت من ميلانو الى الحفلة مباشرة وأحتاج الى بعض
الراحة......ولكن أعدك أن أزورك قريبا..."
"أشكرك من قلبي يا (اندريه)......"
وبعد أن رحل نظرت حولها فوجدت الجميع منشغل ولن يشعرأحد بغيابها فمشت في
الحديقة تفكر في (اندريه) وفي كلامه لها ومواقفه الرقيقة وتفكر في
(الفريدو) وفي اشتياقها له ووجدت نفسها أمام كرسي خشبي بين الأشجار فجلست
عليه تفكر وتستحضر في ذكرياتها حتى ظهر شخص وسط الظلام ظل يحدق بها دون
حراك جلست فترة حتى لاحظت وجوده وما إن رأته حتى اقترب منها كانت تلك
(فلوريا).......ظلت واقفة تحدق بها ومشاعر كثيرة تختلج في صدرها وظلت
المرأتان متقابلتان وقالت (فلوريا) وقد بدأت دموعها تسيل :
"اعتقد أنك اسعد امرأة في هذا العالم......أليس كذلك؟!.....تزوجت رجل من
عائلة عريقة.....وثري وضمنت حق أولادك وفوق كل هذا وسيم وجذاب وتتمناه كل
فتاة في إيطاليا بأسرها......"
وازدادت دموعها غزارة ثم قالت :
"لم أكن أريد أي شئ من هذا......كنت أريد (الفريدو) فحسب.....أتعلمين؟!
كنت أتمنى لو......لو كان خادما لما ترددت لحظة في الزواج منه....لهذا أنا
لن أسامحك أبدا......لقد اخذت مني أعز ما أملك.....أخذت الشخص الوحيد الذي
أحببت ولولا تمثيليتك لإستمالة قلبه وإغراءه لكنا الآن سويا....كان يفترض
أن أكون أنا زوجته لا أنت.......ولكن أتعلمين؟!.....أني لن أتخلى عنه
أبدا......لن أتركك تفوزين ولن أتركه في حوزتك....فسوف أدافع عن كل ما
أملك.."
وجرت باكية ولكن (أنجليتا) استوقفتها قائلة :
"أنا لم أفعل شيئا لأثير حنقك هذا علي.....(فالفريدو) لم يكن ملكك يوما
أبدا ولن يكون ملكك بعد اليوم وعليك أن تثقي في هذا......ولم تكن تهمني لا
اسرته ولا أمواله وأنا واثقة أنك لن تصدقي هذا.....لأنك مثل
الآخرين...تظنون أن من لا تجري في عروقه دماء النبل فلابد أن يكون حثالة
انتهازي لا قيمة له.....ولكن عليك أن تعلمي أننا نملك مشاعر أيضا وأن
النبل في القلب.."
فنظرت إليها بسخرية وقالت :
"وانت كذلك تنصحيني وتقدمين تقريرا عنا....بصفتك قد أصبحت واحدة منا......لكن لا بأس....أؤكد لك أنك لن تكوني كذلك طويلا....."
وجرت مسرعة فارتعشت (أنجليتا) بسبب برودة الجو وقررت العودة الى غرفتها والخلود للنوم مباشرة فلقد كان يوما صعبا وقاسيا عليها.......
أما (اندريه) فلم يستطع النوم هذة الليلة وهو يتذكر ما قالته له (أنجليتا)
ويستحضره في ذهنه كلمة كلمة....ويعيد استحضاره من جديد دون توقف وكأنه
يعيد سماع مقطوعة موسيقية تثير اعجابه وظلت صورتها بثوبها الرائع تظهر
أمامه في ظلام الغرفة.......كان يشعر بسعادة ولهفة وهو يتذكرها ويشعر
بارتياحها له ولكنه اصيب بحزن مفاجئ وظل يلعن نفسه لأنه هكذا يخون صديقه
ويخون الأمانة.....لا يمكن ان يفكر في زوجة صديقه هكذا و قرر في داخله أنه
لن يزورها حتى يعود (الفريدو) الى القرية...
قررت (أنجليتا) ألا تترك غرفتها فهي لا تريد المزيد من المواقف السيئة مع
أفراد أسرة (فان دييجو) وتمنت لو أنها تستطيع زيارة والدها لأنها لم تره
منذ ثلاثة أيام وقررت أن تزوره غدا وتبيت الليلة معه وبعد قليل طرقت
الخادمة غرفتها وقالت لها أن هناك زائر في انتظارها ففرحت فربما يكون
(اندريه) ولكنها كانت (نيلا) صديقتها من القرية..... كانت تبدو شاحبة
وقلقة فأثارت قلقها هي الأخرى ولم تنتظر طويلا فلقد قالت (نيلا) بصوت خافت
:
"أنا آسفة يا عزيزتي.....لكن والدك.....مريض جدا!!!!"
وبعد ذلك لا تتذكر جيدا ما حصل فلقد هرعت باقصى سرعة الى القرية ودخلت
الغرفة التي وضعوه فيها ونزل منظره عليها كالصاعقة....كان ممددا فوق
السرير يلتقط انفاسه بصعوبة شديدة.....كان في حالة ضعف شديدة جعلتها تنهار
فلقد كان والدها دائما مثال القوة بالنسبة لها وهو يحميها من العالم
وقسوته ولم تتخيل يوما أنها ستراه في هذا الضعف بحيث تكون هي في وضع من
يحميه.....كانت تلك أقصى لحظات حياتها قسوة وأنهارت فيها باكية وتدافعت
دموعها فأغرقت العالم....... كانت كمن أصابها مس من الجنون......أما هو
فكان يضغط على يدها بين الفينة والأخرى ليطمئنها ويسكتها لكن دون جدوى
وجلست الى جانبه طوال الليل وهو يهمس بكلمات قليلة في أذنها من وقت لآخر
حتى قال لها قبل أن ينام :
"يا عزيزتي.....ما من شئ يدفعك للحزن....فأنا معك.....في قلبك...حتى لو لم
أكن معك بالفعل....كما...أريدك أن تهتمي (بالفريدو)....وتقلقي عليه فهو
الذي سيعيش معك ما تبقى من حياتك وهو الذي يجب أن تخدميه وترعيه.....متى
سيأتي؟!.....كنت أتمنى أن أراه.....لكن لابد وأن يأتي بعد يوم أو
يومين....أطلبي منه ان يزورني فأنا أريد أن أوصيه عليك حسنا؟!....والآن
هيا ابتسمي....ألا تكفين عن البكاء ابدا....قد تصابين بالجفاف هكذا....."
فضحكت وسط بكاءها وضحك هو الآخر بصعوبة ثم خلد الى النوم ولم تعرف
(أنجليتا) كيف حدث هذا ولكنها نامت هي الأخرى........ولكن في الصباح وجدته
باردا متيبسا فلقد مات وكانت تلك آخر كلماته لها......
- عبدالرحمن حسن عليمؤســس المنتدى
-
الجنسية :
عدد المشاركات : 16049
تقييم المشترين : 49
واتساب : 201289700022
تابع كوت ستور